استصحاب الكلّي.
ويمكن أن يقرّر هذا الوجه بنحو آخر ، وهو : أنّ البقية كانت واجبة بالوجوب النفسي الضمني ، وقد علم بارتفاعه ، وشكّ في حدوث الوجوب النفسي الاستقلالي ، فأصل الوجوب الجامع بين الضمني والاستقلالي كان متيقّنا ، والآن شكّ في ارتفاعه بعد ارتفاع بعض مصاديقه لأجل احتمال حدوث مصداق آخر.
ويرد على هذا الوجه : أوّلا : ـ مضافا إلى منع كون الأجزاء واجبة بالوجوب الغيري أو النفسي الضمني ، بل قد عرفت أنّها واجبة بعين وجوب الكلّ ـ أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون المستصحب إمّا حكما مجعولا شرعا ، وإمّا موضوعا ذا أثر شرعي ، والجامع بين الوجوب النفسي والغيري وكذا بين الضمني والاستقلالي لا يكون شيئا منهما ، أمّا عدم كونه موضوعا ذا أثر شرعي فواضح ، وأمّا عدم كونه حكما مجعولا فلأنّ الحكم المجعول هو كلّ واحد من الوجوبين.
وبعبارة اخرى : المجعول هو حقيقة الوجوب ، وهي ما يكون بالحمل الشائع وجوبا ، وأمّا الجامع فهو يكون أمرا انتزاعيّا غير مجعول ، والعقل بعد ملاحظة حكم الشارع بوجوب فعل وكذا حكمه بوجوب فعل آخر ينتزع عنهما أمرا مشتركا جامعا من دون أن يكون ذلك الأمر الانتزاعي مجعولا ، بل لا يعقل الجامع بين الوجوبين لو افيد الوجوب بمثل هيئة «افعل» التي يكون الموضوع له فيها خاصّا ، كما هو الشأن في جميع الحروف على ما حقّقناه في مبحث الألفاظ.
وبالجملة ، لا مجال لاستصحاب الجامع أصلا.