مقتضى القواعد الأوّليّة في المقام في جريان البراءة العقليّة
أمّا الكلام في المقام الأوّل فمحصّله : أنّ الظاهر جريان البراءة العقليّة ؛ لأنّ مرجع الشكّ في اعتبار الشيء في المأمور به ـ شطرا أو شرطا مطلقا أو اختصاصه بصورة التمكّن منه ـ إلى الشكّ في ثبوته مع العجز عنه ، وهو مورد لجريان البراءة كما لا يخفى.
وهذا لا فرق فيه بين ما لو كان العجز من أوّل البلوغ الذي هو أوّل زمان ثبوت التكليف ، كالأخرس الذي لا يقدر على القراءة ، وبين ما لو كان طارئا في واقعة واحدة ، كمن عرض له العجز في أثناء الوقت بعد أن كان متمكّنا في أوّل الوقت ، وبين ما لو كان طارئا في واقعتين ، كمن كان قادرا في الأمس وصار عاجزا في اليوم من أوّل الوقت إلى آخره.
ووجه عدم الفرق : أنّ مرجع الشكّ في الجميع إلى الشكّ في أصل ثبوت التكليف ، والقاعدة فيه تقتضي البراءة.
أمّا الصورة الاولى فرجوع الشكّ فيها إلى الشكّ في أصل التكليف واضح ، وكذا الصورة الثالثة ؛ لأنّ ثبوت التكليف في الواقعة الاولى لا دلالة على ثبوته في الواقعة الثانية أيضا ، فالتكليف فيها مشكوك.
وأمّا الصورة الثانية فلأنّ المكلّف وإن كان عالما في أوّل الوقت بتوجّه التكليف إليه ، إلّا أنّه حيث كان قادرا على المأمور به بجميع أجزائه وشرائطه يكون المكلّف به في حقّه هو المأمور به مع جميع الأجزاء والشرائط ، فتعلّق التكليف بالمركّب التامّ كان معلوما مع القدرة عليه.
وأمّا مع العجز عن بعض الأجزاء أو الشرائط فلم يكن أصل ثبوت التكليف بمعلوم ، فما علم ثبوته قد سقط بسبب العجز ، وما يحتمل ثبوته فعلا