الإرادة اختياريّة أم لا؟
ثمّ إنّ صاحب الكفاية قدسسره (١) قد تعرّض لمسألة الإرادة وعدم إراديّتها ، ولا بدّ لنا من ذكرها إجمالا ، ونقول : الكلام هنا يقع في مسائل :
الأولى : أنّه تتحقّق هنا قاعدة كلّية ، وهي : أنّ كلّ فعل اختياريّ ـ سواء كان من الأفعال الجوارحيّة أم الجوانحيّة ـ لا بدّ وأن يكون مسبوقا بالإرادة والاختيار.
ثمّ وقع البحث في نفس الإرادة من حيث كونها اختياريّة أم لا ، والالتزام بعدم اختياريّتها مستلزم لعدم اختياريّة أساس جميع الأفعال الاختياريّة ، فلا مجال لترتّب الآثار من الثواب والعقاب عليها ؛ إذ كيف يمكن تعلّق التكليف بما كان أساسه اضطراريّا ، فلا يمكن القول بعدم اختياريّة الإرادة.
وإن قلنا باختياريّتها فتحتاج إلى إرادة اخرى ؛ إذ لا بدّ في كلّ فعل اختياري أن يكون مسبوقا بالإرادة ، وينقل الكلام إلى الإرادة الثانية ، وهي إن كانت اختياريّة تحتاج إلى إرادة اخرى للقاعدة المذكورة ، فإن كانت هذه الإرادة هي الاولى لزم الدور ، وإن كانت إرادة ثالثة فيلزم التسلسل إلى ما لا نهاية ، بعد عدم إمكان الالتزام باضطراريّة الإرادة الثانية كالاولى ؛ إذ لا يبقى
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ١٤.