مجال لاستحقاق العقوبة على المخالفة واستحقاق المثوبة على الموافقة.
وقال المحقّق الخراساني قدسسره (١) في مقام الجواب عنه : إنّ الاختيار وإن لم يكن بالاختيار إلّا أنّ بعض مبادئه غالبا يكون وجوده بالاختيار ؛ للتمكّن من عدمه بالتأمّل فيما يترتّب على ما عزم عليه من تبعة العقوبة واللّوم والمذمّة.
ويستفاد من ذيل كلامه قدسسره أنّ المراد من بعض المبادئ الذي يكون غالبا بالاختيار هو العزم وما بعده ، وأنّ المبادئ التي تتحقّق قبله ـ مثل : تصوّر المراد والتصديق بفائدته والميل النفساني والرغبة إليه ـ تكون غير اختياريّة ، بخلاف العزم والشوق المؤكّد وتحريك العضلات نحو المراد ؛ إذ يمكن للإنسان بعد تحقّق المقدّمات ترك المراد لترتّب العواقب والمفاسد عليه.
ويرد عليه : أوّلا : أنّ لازم هذا البيان التفصيل بين صورة الغالب وغير الغالب ، وأنّ التكليف وآثاره لا يتحقّق في صورة غير الغالب ، وهذا ممّا لا يكون قابلا للالتزام ، ولم يلتزم به أحد.
وثانيا : ما معنى اختياريّة العزم وما بعده؟ إن كانت بمعنى المسبوقيّة بإرادة اخرى فننقل الكلام إليها ، ويعود إشكال الدور والتسلسل بعينه.
وإن قلت : لا يلزم في العزم وما بعده المسبوقيّة بالإرادة.
قلنا : ما الدليل لنقض القاعدة المذكورة هنا ، ولذا لا يندفع الإشكال بهذا البيان.
وأجاب المرحوم صدر المتألّهين عن الإشكال في كتاب الأسفار بما حاصله : أنّ الوجدان حاكم بالفرق بين الأفعال الصادرة عن الإنسان بالاختيار ـ مثل : حركة اليد الناشئة عن الإرادة ـ والأفعال الصادرة عنه
__________________
(١) المصدر السابق.