من غير اختيار ، مثل : حركة يد الإنسان المبتلى بمرض الارتعاش ، فإن لاحظنا الأفعال الاختياريّة بنظر العرف والعقلاء يصحّ تعلّق التكليف بها وجعل القانون بالنسبة إليها ، وترتّب الثواب والعقاب والمدح والذمّ على موافقته ومخالفته ، فيكون التكليف في محدودة الأفعال الاختياريّة قابلا للجعل والتصويب.
وإن لاحظناها بنظر فلسفي بعد ارتباط الفلسفة بالواقعيّات والحقائق يصحّ القول بأنّ الفعل الاختياري ما يكون مسبوقا بالإرادة ، ومعلوم أنّ الإرادة واقعيّة نفسانيّة كسائر الصفات النفسانيّة ، فلا بدّ لنا من ملاحظة أوصاف مشابهة للإرادة لاستفادة أنّ نفس الإرادة هل تقع متعلّقا لإرادة اخرى أم لا؟
ونقول : إنّ صفة الحبّ من الصفات النفسانيّة ذات الإضافة ويتوقّف وجودها بالمحبّ والمحبوب ، ولذا يصحّ السؤال هنا عن المحبّ ومتعلّق الحبّ بأنّه بما تعلّق؟ ومن المحبّ؟ فلا مجال للسؤال عمّا كان خارجا عن دائرة الحبّ والمحبّ والمحبوب ، كقولنا : هل تعلّق بحبّك حبّ آخر أم لا؟ حتّى ننقل الكلام إلى الحبّ الثاني ، وهكذا ؛ إذ لا واقعيّة وراء ذلك.
وهكذا في باب العلم فإنّه أيضا صفة ذات إضافة إلى العالم والمعلوم ، وإذا تحقّق العلم تتحقّق ثلاثة عناوين ، ويصحّ السؤال في محدوديّتها ، ولا يصحّ السؤال : هل لك علم بعلمك؟ حتّى يلزم الإشكال المذكور ؛ لعدم تحقّق واقعيّة رابعة حتّى نسأل عنها.
والإرادة نظير العلم والحبّ واقعيّة نفسانيّة ذات الإضافة وتحقّقها متوقّف على تحقّق المريد والمراد ، ولا مجال هنا أيضا للسؤال عن أنّ نفس الإرادة المتعلّقة بشيء المراد هل تقع متعلّقة لإرادة اخرى أم لا؟ هذا تمام كلامه قدسسره.