وحينئذ فنقول في تصوير وقوع الزيادة في الأجزاء : إنّ معنى نقيصة الجزء عبارة عن عدم كون المركّب الواقع في الخارج واجدا له ، وأمّا معنى زيادته فلا تتحقّق إلّا بكون الزائد أيضا جزء للمأمور به ، ومع كونه جزء له أيضا ، كما هو المفروض لا تتحقّق الزيادة ، بل المأتي به هو عين المأمور به.
وبالجملة ، فلا يجتمع عنوان الزيادة مع كون الزائد أيضا جزء للمأمور به ؛ لأنّه على تقدير كونه جزء لا يكون زائدا ، وعلى تقدير كونه زائدا لا يكون جزء ، فزيادة الجزء بما هو جزء في المأمور به ممّا لا يتصوّره العقل.
نعم ، يتحقّق عنوان الزيادة بنظر العرف فيما إذا كان الجزء مأخوذا لا بشرط من الزيادة ، وأمّا على تقدير كونه بشرط لا من جهة الزيادة فقد يقال ـ كما قيل ـ بأنّ مرجع الزيادة حينئذ إلى النقيصة ؛ لأنّ الجزء المتّصف بالجزئيّة هي الطبيعة المتقيّدة بقيد الوحدة ، فهي بدونها لا تكون جزء للمركّب ، فهو حينئذ يصير فاقدا للجزء ولا يكون مشتملا على الزيادة.
ولكن لا يخفى أنّ الجزء في هذا الحال أيضا هي ذات الطبيعة ، وقيد الوحدة شرط للجزء ، فإيجاد الطبيعة مرّتين مرجعه إلى إيجاد ذات الجزء كذلك ، فذات الجزء قد زيد وإن كانت هذه الزيادة راجعة إلى النقيصة أيضا من جهة فقدان شرط الجزء ، فالإتيان بالحمد ـ مثلا ـ ثانيا زيادة لذات الجزء وموجبا لنقصان شرطه ، فتحقّقت به الزيادة والنقيصة معا. وحينئذ فلا وجه لما ذكروه من رجوع الزيادة حينئذ إلى النقيصة ، كما عرفت.
كلام المحقّق العراقي في تصوير وقوع الزيادة الحقيقيّة
ثمّ إنّ المحقّق العراقي رحمهالله أفاد في تصوير وقوع الزيادة الحقيقيّة في الأجزاء والشرائط كلاما أوضحه بتمهيد امور ثلاثة :