مفاد ينفي وجوب الاحتياط حتّى يكون معارضا لأدلّته لو تمّت ، أو يكون مفاده محكوما لأدلّة الاحتياط؟
ذهب المحقّق العراقي قدسسره (١) إلى أنّ غاية ما يستفاد من الآية إنّما هو نفي الكلفة والمشقّة من قبل التكاليف المجهولة غير الواصلة إلى المكلّف ، لا نفي الكلفة مطلقا ولو من قبل جعل إيجاب الاحتياط ، فمفاد الآية حينئذ مساوق لكبرى قبح العقاب بلا بيان ، ومن المعلوم عدم كون مثله مضرّا بالاحتياط القائل به الأخباري ، فإنّه يدّعي إثبات الكلفة والمشقّة على المكلّف من جهة جعل إيجاب الاحتياط الواصل إلى المكلّف.
والتحقيق : أنّ مفاد الآية يعارض وجوب الاحتياط وينفيه ، وذلك لأنّ وجوب الاحتياط كلفة ومشقّة آتية من قبل التكليف المجهول ، والآية تدلّ على رفعها عن المكلّف ، ومن الواضح أنّ وجوب الاحتياط ليس وجوبا نفسيّا استقلاليّا ، وإنّما هو وجوب طريقي يأتي من التكليف المجهول لجهة المحافظة عليه ، وإلّا يلزم تعدّد المثوبة والعقوبة في موارد وجوب الاحتياط ، وهو كما ترى.
والحاصل ممّا ذكرناه : أنّ دلالة الآيتين المذكورتين على البراءة ليست بتامّة. ثمّ هناك آيات اخرى استدلّ بها الأعلام في المقام إلّا أنّ المهمّ منها ما ذكرناه.
الدليل الثاني : السنّة
واستدلّوا بروايات :
الرواية الاولى : ما رواه الصدوق قدسسره في كتاب الخصال بسند صحيح عن
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٢٠٤.