ضابطة الشبهة الغير المحصورة
وقع البحث والاختلاف في ضابطة الشبهة الغير المحصورة حسب اختلاف الأدلّة التي استدلّ بها لعدم وجوب الاحتياط فيها ، وقد ذكرنا دليلا بعنوان الإجماع ، ودليلا بعنوان الروايات ، ودليلا عن المحقّق الحائري رحمهالله ولا يكون المدار في جميعها عنوان الشبهة الغير المحصورة ، بل يختلف العنوان المأخوذ في كلّ دليل حسب الأدلّة ؛ إذ لا يكون في الروايات ـ مثلا ـ من عنوان الشبهة الغير المحصورة أثر ولا خبر ؛ لكونها في الحقيقة من الاصطلاحات الفقهيّة لا الروائيّة ، فلا بدّ من ملاحظة كلّ عنوان مأخوذ في أدلّة عدم وجوب الاحتياط ، فلو تمسّك فيها بالإجماع فالواجب الرجوع فيها إلى العرف في تعيين مفهومها.
وقد اختلفت كلمات الأعاظم في تحديد المعنى العرفي ، فقال جمع منهم : إنّه عبارة عمّا يعسر عدّه ، وقال بعض منهم : إنّه عبارة عمّا يعسر عدّه في زمان قصير ، وأحال تعيين مراتبه أيضا إلى العرف ، وحكي عن بعض آخر منهم امور أخر.
ولكن حيث إنّ الإجماع ممّا لا يجوز التمسّك به ؛ لاختلاف العلل الموجبة للحكم بعدم وجوب الاحتياط ، فلا يكشف عن رأي المعصوم عليهالسلام ، ولكنّه على تقدير ثبوته لا يقتضي إلّا عدم وجوب الموافقة القطعيّة ؛ لأنّه القدر المتيقّن منه ، وأمّا جواز المخالفة القطعيّة بارتكاب الجميع فلا يستفاد منه بعد عدم تيقّن كونه معقد الإجماع ، مع أنّه يحتمل قويّا أن يكون المستند للقول بعدم وجوب الاحتياط هو وجوه أخر ، كالروايات الكثيرة الموجودة في المقام ، فلا يكون الإجماع دليلا مستقلّا في قبال النصوص.