الموافقة الالتزاميّة
لا شكّ في وجوب الموافقة العمليّة للأحكام الشرعيّة ، إنّما الكلام في وجوب الموافقة الالتزاميّة بأن يعتقد الإنسان بها قلبا ويتديّن بها اعتقادا.
وبعبارة اخرى : أنّ تنجّز التكاليف بالقطع أو بغيره من الحجج والأمارات هل يوجب على المكلّف إطاعتين : إحداهما بحسب العمل ، والاخرى بحسب الاعتقاد ، أو لا يوجب إلّا إطاعة عمليّة فقط؟
ونحن نبحث هنا في ثلاث مراحل :
الاولى : في إمكان تعلّق التكليف اللزومي بالموافقة الالتزاميّة وعدمه ثبوتا ، واختلف العلماء فيه. وقال استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) باستحالته ؛ بأنّ أفعال الإنسان على قسمين : جوارحيّة وجوانحيّة ، أمّا الأفعال الجوارحيّة فهي من الامور الاختياريّة التي تتبع الإرادة ، وأمّا الأفعال الجوانحيّة والعوارض النفسانيّة ـ كالحبّ والبغض ، والخوف والرجاء ، والخضوع والخشوع ـ فإنّها ليست من الامور الاختياريّة ، بل وجودها في النفس إنّما يتبع وجود مبادئها ، فإنّ لكلّ منها مباد وعلل تستدعي وجود تلك العوارض ، مثلا : إذا علم الإنسان بوجود الباري وعظمته وقهّاريّته يحصل له الخضوع والخشوع لدى
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٤٥ ـ ٤٦.