حضرته والخوف من مقامه ، وإذا علم برحمته التي وسعت كلّ شيء فلا محالة تحصل له صفة الرجاء.
وعليه فبما أنّ الموافقة الالتزاميّة والتسليم القلبي فعل من الأفعال النفسانيّة لا تتحقّق إلّا بعد تحقّق مبادئها وأسبابها ، وليست تابعة لإرادة الإنسان واختياره حتّى يتعلّق التكليف اللزومي بها.
وتترتّب على هذا الكلام ثمرات :
الاولى : أنّه لا بدّ من إرجاع الكفر الجحودي الذي أشار إليه في القرآن بقوله : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ)(١) إلى الإنكار الظاهري والجحد اللّساني ؛ إذ لا يمكن في ظرف القلب والنفس الاجتماع بين اليقين بوجود المبدأ وإنكاره ، فمعناه إنكار ما اعتقد به في القلب لسانا.
الثانية : أنّ التشريع الحرام يعني إدخال ما ليس من الدين في الدين ، ليس معناه الاعتقاد والالتزام القلبي على كون هذا الحكم من الشارع مع العلم بعدم كونه منه ، فإنّه غير معقول في نفسه ولا يتحقّق خارجا ، بل معناه هو التظاهر بكون الحكم الفلاني من الشارع مع العلم بعدم كونه منه.
والحاصل : أنّ التكليف اللزومي لا يمكن أن يتعلّق بالموافقة الالتزاميّة ، هذا ملخّص كلامه قدسسره.
وجوابه : أوّلا : أنّه منقوض في موارد متعدّدة :
منها : مسألة الإيمان ، فإنّ معناه إن كان مركّبا من الاعتقاد بالجنان والإقرار باللسان والعمل بالأركان ، فكيف تعلّق التكليف به بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) ونحو ذلك مع أنّه من الأفعال النفسانيّة؟!
__________________
(١) النمل : ١٤.