عدم جريان الاستصحاب في الدوران بين المحذورين
هل يجري استصحاب عدم الوجوب بلحاظ مسبوقيّته بالعدم ، وهكذا استصحاب عدم الحرمة ، أم لا؟
ومحصّل ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله في وجه عدم جريانه هنا : أنّه لمّا كان الاستصحاب من الاصول التنزيليّة ـ أي تنزيل مفاده منزلة الواقع والالتزام بأنّه هو الواقع ـ فلا يمكن الجمع بين مؤدّاه والعلم الإجمالي ؛ فإنّ البناء على عدم وجوب الفعل وعدم حرمته واقعا ـ كما هو مفاد الاستصحابين ـ لا يجتمع مع العلم بوجوب الفعل أو حرمته.
وإن شئت قلت : إنّ البناء على مؤدّى الاستصحابين ينافي الموافقة الالتزاميّة ، فإنّ التصديق بأنّ لله تعالى في هذه الواقعة حكما إلزاميّا لا يجتمع مع البناء على عدم الوجوب والحرمة واقعا (١). انتهى.
وفيه : أوّلا : منع كون الاستصحاب من الاصول التنزيليّة بهذا المعنى ، فإنّه ليس في شيء من أدلّته ما يدلّ أو يشعر بذلك ، إلّا ما في صحيحة زرارة الثالثة من قوله عليهالسلام : «فيبني عليه» ، ولكن لا يخفى أنّ المراد بالبناء على المتيقّن هو البناء العملي لا البناء القلبي على أنّ الواقع أيضا كذلك حتّى ينافي الموافقة
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٤٤٩.