الالتزاميّة.
وثانيا : أنّه على فرض تسليم كونه من الاصول التنزيليّة يمنع لزوم الموافقة الالتزاميّة في الأحكام زائدا على الموافقة العمليّة ، كما مرّ في مبحث القطع أنّ لكلّ تكليف مخالفة واحدة وموافقة واحدة ، فلا بأس بجريان الاستصحابين والبناء العملي على طبقهما ، ولا منافاة بينهما وبين العلم الإجمالي بالوجوب أو الحرمة أصلا ؛ لما مرّ في أصالة الإباحة من إمكان الجمع بينهما كالجمع بين الحكم الظاهري والواقعي.
ولكنّ التحقيق : أنّ وجه عدم جريان الاصول العمليّة في أطراف العلم الإجمالي هو لزوم التناقض في أدلّة الاصول ، فإنّ دليل الاستصحاب ـ مثلا ـ متضمّن للحكم الإيجابي والحكم السلبي ، كقوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ ولكن انقضه بيقين آخر» ، ومعناه أنّه إذا تحقّق يقين على خلاف اليقين السابق فاللازم الأخذ والتشبّث باليقين الفعلي وجريان الاستصحاب في الوجوب والحرمة ، ونفيهما معا هنا مناقض للعلم واليقين بنقض اليقين السابق ، إمّا بالوجوب وإمّا بالحرمة في الزمان اللاحق ، فعدم جريان الاستصحاب في ما نحن فيه مستند إلى ذلك لا إلى لزوم المخالفة القطعيّة العمليّة ؛ لعدم إمكان تحقّقها هنا.
هذا كلّه مع كون تساوي الطرفين من حيث المزيّة والترجيح.