فصل
في دوران التكليف بين الوجوب والحرمة
لا يخفى أنّ دوران التكليف بين الوجوب والحرمة ـ بأن علم إجمالا بوجوب شيء معيّن أو حرمته قد يكون مع وحدة الواقعة ـ كما لو علم إجمالا بوجوب صوم يوم معيّن أو حرمته ـ وقد يكون مع تعدّد الواقعة ، كما لو دار الأمر في صلاة الجمعة في عصر الغيبة بين الوجوب والحرمة ، فلو كانت الواقعة متعدّدة أمكنت المخالفة القطعيّة بالإتيان في مرتبة والترك في مرتبة اخرى.
وأمّا لو كانت الواقعة واحدة وكان كلا التكليفين توصّليّا ، فلا يمكن المخالفة القطعيّة ؛ لكون المكلّف إمّا تاركا وإمّا فاعلا. وإذا كان كلاهما أو أحدهما تعبّديّا يتمكّن المكلّف من المخالفة القطعيّة ، كما إذا كان وجوب صوم يوم كذا تعبّديّا وحرمته على تقدير ثبوتها توصّليّة ، فيمكن المخالفة القطعيّة بأن يصوم بدون قصد القربة ؛ إذ التكليف إن كان وجوبيّا تحقّق بدون قصد القربة ، وإن كان تحريميّا تحقّق المنهي عنه في الخارج.
والقدر المتيقّن من الفروض المذكورة فيما إذا كانت الواقعة واحدة ، ولم يتمكّن المكلّف من المخالفة القطعيّة ولا من الموافقة القطعيّة ، ولم يكن شيء من الفعل أو الترك معلوم الأهمّيّة أو محتملها في نظر العقل ، وحينئذ فهل يحكم