ودلالة هذا الحديث على الشرط المذكور مبنيّة على الاحتمال الأوّل ؛ إذ لازم ذلك فرديّة الميسور والمعسور للطبيعة ، ولازم الفرديّة انطباق عنوان الطبيعة وصدقه عليهما ، فإن لم يصدق العنوان لا تجري القاعدة.
وأمّا على الاحتمال الثاني فلا دلالة له على ذلك ، فتجرى القاعدة وإن كان الميسور جزء واحدا ولم ينطبق عنوان الطبيعة عليه.
وهكذا قوله عليهالسلام : «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» يحتمل أن يكون المراد به أنّ المركّب الذي لا يدرك كلّه لا يترك ذلك المركّب بكلّيّته ، ومعناه حينئذ لزوم الإتيان بالمركّب الناقص بعد تعذّر درك التامّ ، فلا بدّ من صدق العنوان على الباقي وكونه مصداقا للطبيعة المأمور بها.
ويحتمل أن يكون المراد به أنّ المركّب الذي لا يدرك كلّه لا يترك كلّ ذلك المركّب ، أي لا يترك كلّ جزء من أجزائه ، كما استظهرنا هذا المعنى منه ، وعليه لا دلالة له على ذلك ، فلا يستفاد من الروايات اعتبار الشرط المذكور وإن كان اعتباره مفروغا عنه ومسلّما في كلمات الأعاظم.
ثمّ إنّ المرجع في تعيين الميسور على فرض اعتبار هذا الشرط هو العرف ، فكلّ مورد حكم العرف فيه بأنّ الباقي مصداق للطبيعة يحكم فيه بلزوم الإتيان به ، فالخطابات متوجّهة إلى العرف ، وتشخيص أنّ الميسور من الطبيعة أم لا بعهدة العرف. نعم ، لا منافاة بينه وبين دخالة الشارع في بعض الموارد توسعة أو تضييقا ، كما لا يخفى.
تكملة
بقي هنا امور لا بدّ من تعرّضها لتكميل البحث في قاعدة الميسور.
الأمر الأوّل : هل القاعدة تجرّي في صورة تعذّر الشرط أيضا أم لا؟ لا يخفى