ومقتضى كلامه الأوّل هو اختصاص موردها بغير صورة دوران الأمر بين المحذورين ، وهو تهافت فاحش.
الرابع : أنّ ما ذكره من منافاة الإباحة بمدلولها المطابقي مع المعلوم بالإجمال محلّ نظر ، بل منع ؛ لأنّ ذلك مبني على أن يكون مفاده هو الرخصة في الفعل والترك معا ، مع أنّ مثل قوله : «كلّ شيء حلال حتّى تعرف أنّه حرام» إنّما يدلّ على مجرّد الترخيص في الفعل في مقابل الحرمة ، ولا يدلّ على الترخيص في الفعل والترك معا حتّى ينافي المعلوم بالإجمال ، فمفاد أصالة الإباحة بمقتضى دليلها هو مجرّد نفي الحرمة وجعل الترخيص الظاهري بالنسبة إلى الفعل ، وهذا لا ينافي الوجوب ، كما هو واضح.
هذا ، مضافا إلى أنّه على فرض التنافي والمناقضة لا بأس بذلك ؛ لأنّه كالمناقضة بين الأحكام الظاهريّة والأحكام الواقعيّة ، فما قيل في الجمع بينهما يقال هنا أيضا.
فالحقّ في المسألة ـ بعد عدم شمول دليل أصالة الإباحة لهذا المورد ـ يرجع إلى ما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله في الأمر الأوّل : من أنّ ما هو المستند إلى الدليل كقوله عليهالسلام : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام» عبارة عن أصالة الحلّيّة ، ومجراها الشكّ في الحرمة والحلّيّة ، فهي كما لا تجري في الشبهات الوجوبيّة المحضة ، كذلك لا تجري في دوران الأمر بين الوجوب والحرمة ، أي الدوران بين المحذورين.