ومنها : مسألة الإرادة ، فإنّ الأفعال الجوارحيّة والاختياريّة لا بدّ من صدورها عن إرادة ، فهل يلزم على المكلّف إرادة الصلاة عند الزوال أم لا مع أنّها من الامور النفسانيّة؟!
ومنها : مسألة الحبّ والمودّة كما في قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)(١) ، فكيف تعلّق التكليف اللزومي بالأفعال النفسانيّة في هذه الموارد ونظائرها؟!
وثانيا : أنّه يكفي في مقدوريّة متعلّق التكليف كونه مقدورا مع الواسطة ، كالواجبات المتوقّفة على المقدّمة ، فلا مانع من القول في الموافقة الالتزاميّة ؛ بأنّ تحصيل علم الباري وإحاطته بالمصالح والمفاسد للإنسان يوجب الاعتقاد والالتزام بأنّ حكم الصلاة هو الوجوب ، وحكم شرب الخمر هي الحرمة ، فيصحّ تعلّق التكليف بها من هذا الطريق ، فلا استحالة في البين ثبوتا.
وسلّمنا أنّ التشريع ليس بمعنى الاعتقاد والالتزام القلبي على كون هذا الحكم من الشارع ، بل يكون بمعنى التظاهر بكونه من الشارع مع العلم بعدم كونه منه ، ولكنّه لا يستلزم امتناع تعلّق التكليف بالموافقة الالتزاميّة ، ولا ملازمة بينهما.
وسلّمنا أيضا أنّ الكفر الجحودي لا يرجع إلى الالتزام القلبي على خلاف اليقين الحاصل في نفس الكافر الجاحد ، بل يرجع إلى الإنكار الظاهري والجحد اللّساني ، ولكن لا تكون نتيجة هذا المعنى امتناع تعلّق التكليف بالموافقة الالتزاميّة ؛ إذ لا ارتباط بينهما.
وهكذا فيما قالوا : إنّ الملاك في تحقّق القضيّة هو اشتمال الكلام على نسبة
__________________
(١) الشورى : ٢٣.