حريز عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : رفع عن أمّتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما اكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطرّوا إليه ، والطيرة ، والتفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة». (١)
واستقصاء البحث في حديث الرفع يستدعي الكلام في مقامات ثلاثة :
أمّا مقام الأوّل : ففيه أمور يجب تقديمها لفقه الحديث :
الأمر الأوّل ـ في معنى الرفع والدفع : لا شكّ في أنّ الرفع يستعمل عرفا في إزالة الشيء الموجود مع كون المقتضي للبقاء موجودا ، والدفع يستعمل فيما إذا لم يوجد بعد ، ولكن كان المقتضي لوجوده موجودا ، فالرفع عبارة عن إزالة الموجود في الزمان السابق عن ورود الرفع ؛ بحيث لو لا الرفع لكان مستمرّا في الوجود ، والدفع عبارة عن منع تأثير المقتضي في وجود الشيء وتحقّقه ، وعليه فالرفع والدفع متباينان مفهوما.
الأمر الثاني ـ في بيان المراد من الرفع في الحديث الشريف : ذهب المحقّق النائينيقدسسره (٢) إلى أنّ الرفع هنا بمعنى الدفع بلا عناية وتجوز أصلا ، وذلك لأنّ الرفع في الحقيقة يمنع ويدفع المقتضي عن التأثير في الزمان اللّاحق أو المرتبة اللّاحقة ؛ لأنّ بقاء الشيء كحدوثه يحتاج إلى علّة البقاء وإفاضة الوجود عليه من المبدأ الفيّاض في كلّ آن ، فالرفع في مرتبة وروده على الشيء إنّما يكون دفعا حقيقة باعتبار علّة البقاء ، وإن كان رفعا باعتبار الوجود السابق ، فاستعمال الرفع في مقام الدفع لا يحتاج إلى علاقة المجاز ، بل لا يحتاج إلى عناية أصلا.
__________________
(١) الخصال : ٤١٧ ، الحديث ٩ ، الوسائل ١٥ : ٣٦٩ ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، الحديث ١.
(٢) فوائد الاصول ٣ : ٣٣٦ ـ ٣٣٧.