وثانيا : أنّه لو قطع النظر عن ذلك نقول : إنّ ما ذكر إنّما يتمّ لو كان مجموع البقية متعلّقا للوجوب الغيري ، فيقال : إنّه كان واجبا به ، وشكّ بعد ارتفاعه في حدوث الوجوب النفسي لها ، مع أنّه ممنوع جدّا ، ضرورة أنّ الوجوب الغيري إنّما هو بملاك المقدّميّة ، والموصوف بهذا الوصف إنّما هو كلّ واحد من الأجزاء ، لا المجموع بعنوانه ، فالوجوب الغيري إنّما تعلّق بكلّ واحد من الأجزاء الغير المتعذّرة ، والمدّعى إنّما هو إثبات وجوب نفسي واحد متعلّق بمجموع البقية.
وبعبارة اخرى : القضيّة المشكوكة هو وجوب واحد متعلّق بالباقي المقدور ، والقضيّة المتيقّنة هي الوجوبات المتعدّدة المتعلّق كلّ واحد منها بكلّ واحد من الأجزاء ، فلا تتّحدان.
الثاني : استصحاب الوجوب النفسي الاستقلالي المتعلّق بالمركّب ، وتعذّر بعض أجزائه أو شرائطه لا يضرّ بعد ثبوت المسامحة العرفيّة في موضوع الاستصحاب ، كما لو فرض أنّ زيدا كان واجب الإكرام ، ثمّ شكّ في وجوب إكرامه بعد تغيّره بمثل قطع اليد أو الرجل ، فإنّه لا إشكال في جريان هذا الاستصحاب لبقاء الشخصيّة وعدم ارتفاعها بمثل ذلك التغيّر ، وكما في استصحاب الكرّيّة ، أيضا.
ويرد عليه : أوّلا : أنّ قياس العناوين الكلّيّة بالموجودات الخارجيّة قياس مع الفارق ؛ لأنّ تغيّر الحالات وتبدّل الخصوصيّات في الخارجيّات لا يوجب اختلاف الشخصيّة وارتفاع الهذيّة. وهذا بخلاف العناوين الكلّيّة ، فانّ الاختلاف بينها يتحقّق بمجرّد اختلافها ولو في بعض القيود ؛ فإنّ عنوان الإنسان الأبيض ـ مثلا ـ مغاير لعنوان الإنسان الغير الأبيض ، فالإنسان المقيّد بالأبيض لا يعقل أن ينطبق على الإنسان الأسود ، وكذا العكس ، وكذا الإنسان