جلّ جلاله من فوق سبع سماوات ، وكان صوتها ضعيفا ، لا يكاد يسمعه من يجلس بجوارها.
وفي البخاري والنسائي عن عائشة (رض) قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة خولة إلى رسول الله (ص) في جانب البيت ما أسمع ما تقول. فأنزل الله عزوجل : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ) [الآية ١] الى آخر الآيات الأربع من صدر السورة.
وفي [الآيتين ٥ ـ ٦] توكيد أنّ الذين يحادّون الله ورسوله ، وهم أعداء الجماعة المسلمة التي تعيش في كنف الله ، مكتوب عليهم الكبت والقهر في الأرض ، والعذاب المهين في الاخرة ، مأخوذون بما عملوا ، أحصاه الله عليهم ، ونسوه هم ؛ وهم فاعلوه : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٦).
و [الآية ٧] تؤكّد سعة علم الله سبحانه ، وإحاطته بما في السماوات والأرض ، واطّلاعه على السّر والنّجوى ، ورقابته لكلّ صغير وكبير ، ثمّ محاسبة الجميع بما قدّموا يوم القيامة ؛ والآية تخرج هذه المعاني في صورة عميقة التأثير ، تترك القلوب وجلة ، ترتعش مرّة وتأنس مرّة ، وهي مأخوذة بمحضر الله الجليل : (هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٧).
وفي [الآيات ٨ ـ ١٠] يشهّر القرآن بموقف المنافقين ، الذين يبيّتون الكيد والدّسّ للمؤمنين ، ويهدّدهم بأنّ أمرهم مكشوف وأن عين الله مطّلعة عليهم ؛ ونجواهم بالإثم والعدوان ، ومعصية الرسول مسجّلة ، وسيحاسبون عليها ، ويلقون جزاءهم ، في جهنم وبئس المصير.
ثم تستطرد الآيات الى تربية المسلمين ، وتهذيب نفوسهم بهذا الخصوص ، فتنهاهم عن الحديث الخافت المحتوي على الإثم والعدوان ، ومعصية الرسول (ص) ؛ وذلك يؤكد أنه كان بين جماعة المسلمين قوم لم يترسّخ الإيمان في قلوبهم ، وكانوا يقلّدون المنافقين ، في التّناجي بالهمز واللّمز ، والإثم والمعصية ، وكان القرآن الكريم يواكب هؤلاء جميعا ، فيكشف المنافقين ، ويرشد المسلمين وينزل الهدى والرحمة أجمعين.
و [الآيات ١١ ـ ١٣] استطراد في