وإذا جئنا إلى الآية اللاحقة وجدنا قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى) [الآية ٩].
٣ ـ وقال تعالى : (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) [الآية ١١].
وقوله تعالى : (انْشُزُوا) أي : انهضوا.
أقول : كأنّ الفعل قد أخذ من «النّشز» ، وهو ما ارتفع من الأرض ، والناهض من مكانه كأنه يرتفع.
وعلى هذا قرئ قوله تعالى : (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (١٥) [الملك] ، بزاي معجمة.
كما جاء قوله تعالى : (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها) [البقرة : ٢٥٩].
٤ ـ وقال تعالى : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) [الآية ١٣].
وقوله تعالى : (بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ) استعارة ممّن له يدان.
والمعنى : قبل نجواكم ، كقول عمر : من أفضل ما أوتيت العرب الشعر ، يقدّمه الرجل أمام حاجته فيستمطر به الكريم ، ويستنزل به اللئيم. يريد : قبل حاجته.