استعارة. والكلام وارد في شأن المنافقين.
والمراد أنهم جعلوا إظهار الإيمان الذي يبطنون ضدّه جنّة ، يعتصمون بها ويستلئمون (١) فيها تعوّذا بظاهر الإسلام الذي يسع من دخل فيه ، ويعيذ من تعوّذ به.
وفي قوله سبحانه : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (٢١).
استعارة. والمراد بالكتابة هاهنا الحكم والقضاء. وإنّما كنى تعالى عن ذلك بالكتابة ، مبالغة في وصف ذلك الحكم بالثبات ، وأنّ بقاءه كبقاء المكتوبات.
وفي قوله سبحانه : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) [الآية ٢٢] استعارتان ، إحداهما قوله تعالى : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) ، ومعناه أنه ثبّته في قلوبهم ، وقرّره في ضمائرهم ، فصار كالكتابة الباقية ، والرّقوم الثابتة ، على ما أشرنا إليه من الكلام على الاستعارة المتقدّمة. وذلك كقول القائل : هو أبقى من النقش في الحجر ، ومن النقش في الزّبر.
والاستعارة الأخرى قوله تعالى : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) ولذلك وجهان : إمّا أن يكون المراد بالروح هاهنا القرآن ، لأنه حياة في الأديان ، كما أنّ الروح حياة في الأبدان. وقال سبحانه : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [الشورى : ٥٢] والمراد القرآن.
والوجه الاخر أن يكون الروح هاهنا معنى النّصر والغلبة والإظهار للدّولة. وقد يعبّر عن ذلك بالريح. والرّوح والريح يرجعان إلى معنى واحد. وقال سبحانه : (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال : ٤٦] أي دولتكم واستظهاركم.
__________________
(١). يستلئم : أي يلبس الدرع.