(وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) (٥) : هو السماء.
وقد نسب ذلك الى سفيان الثوري عن الإمام علي رضي الله عنه ، قال تعالى : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) (٣٢) [الأنبياء].
(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) (٦) : المملوء ، وهو أنسب شيء يذكر مع السماء ، في انفساحه وامتلائه وامتداده.
وقد يكون معنى المسجور : المتّقد ، كما في قوله تعالى في سورة أخرى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (٦) [التكوير] أي توقّدت نيرانا عند نهاية الحياة ، وذلك يمهّد لجواب القسم ، وهو : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (٧) ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) (٨).
وقد سمع عمر رضي الله عنه هذه الآية ذات ليلة فتأثّر بها واشتدّ خوفه وعاد الى بيته مريضا ، ومكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه.
وعمر رضي الله عنه سمع السورة قبل ذلك وقرأها وصلى بها ، فقد كان رسول الله (ص) يصلي بها المغرب ، ولكنها في تلك الليلة صادفت من عمر قلبا مكشوفا ، وحسّا مفتوحا ، فنفذت إليه.
(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (٩) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) (١٠).
ومشهد السماء الثابتة المبنية بقوّة وهي تضطرب وتتقلّب كما يضطرب الموج في البحر من هنا إلى هناك بلا قوام ، ومشهد الجبال الراسية الصلبة تسير خفيفة رقيقة لا ثبات لها ولا استقرار أمر مذهل مزلزل ، من شأنه أن يذهل الإنسان.
وفي آيات أخرى ذكر القرآن أن السماء تنشقّ على غلظها وتتعلق الملائكة بأطرافها ، كما ذكر اضطراب الكون وسائر الموجودات يوم القيامة.
إن قلوب أهل مكة التي جحدت الاخرة ، وأنكرت البعث والجزاء ، تحتاج الى حملة عنيفة يقسم الله ، جلّت قدرته ، فيها بمقدّسات في الأرض والسماء بعضها مكشوف ومعلوم ، وبعضها مغيّب مجهول ، على وقوع العذاب يوم القيامة وسط مشهد هائل ترتج له الأرض والسماء : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٤٨) [ابراهيم].
وفي وسط هذا المشهد المفزع نرى