والألفاظ في السورة توحي بهذا المعنى وتؤكده :
(الْحَاقَّةُ) ثم يتبعها باستفهام حافل بالاستهوال والاستعظام (مَا الْحَاقَّةُ) ما هي؟ أيّ شيء هي؟ أي حقّها أن يستفهم عنها لعظمها ، وهذا أسلوب من الكلام يفيد التفخيم والمبالغة في الغرض الذي يساق له.
(وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) (٣) أيّ شيء أعلمك ما هي ، فهي خارجة عن دائرة علم المخلوقات ، لعظم شأنها ، ومدى هولها وشدّتها ؛ ثم يسكت الأسلوب فلا يجيب عن هذا السؤال لتذهب النفس في هوله وشدته كل مذهب.
ومن أسماء القيامة الحاقة ، والقارعة ؛ لأنّها تقرع القلوب بأهوالها.
[الآيتان ٤ ـ ٥] : تصف ما أصاب ثمود من العذاب ؛ وثمود كانت تسكن الحجر في شمالي الحجاز ، بين الحجاز والشام ، وقد كذبوا نبيّهم ، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم ؛ وسمّيت الصيحة هنا طاغية ، لأنّها جاوزت الحدّ في الشّدّة ؛ وسمّيت ، في سور أخرى ، بالصاعقة وبالرجفة والزّلزلة ؛ وهي صفات للصيحة تبيّن أثرها فيمن نزلت بهم.
[الآيات ٦ ـ ٨] : تصف قصّة هلاك عاد ، وقد كذبوا رسولهم ، فأرسل الله عليهم ريحا باردة عاتية ، استمرّت سبع ليال وثمانية أيام ، (حُسُوماً) متتابعة ، حتى هلك القوم أجمعون ؛ وقد كانوا يسكنون بالأحقاف ، في جنوب الجزيرة بين اليمن وحضرموت ، وكانوا أشدّاء بطّاشين جبّارين ؛ وكان الجزاء من جنس العمل.
[الآيتان ٩ ـ ١٠] : تصفان مجيء فرعون ومن تقدّمه من الأمم التي كفرت بآيات الله ، كقوم نوح وعاد وثمود ، والقرى التي ائتفكت بأهلها ، أي انقلبت بهم ، وهي قرى قوم لوط. فقد عصى هؤلاء رسل الله ، الذين أرسلوا إليهم ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
[الآيتان ١١ ـ ١٢] : ترسمان مشهد الطوفان والسفينة الجارية ، وتشيران بهذا المشهد إلى مصرع قوم نوح حينما كذّبوا ، وتمتنّان على البشر بنجاة أصولهم التي انبثقوا منها. والمشهور أن الناس كلهم من سلائل نوح وذريته.
[الآيات ١٣ ـ ١٨] : تصف أهوال القيامة وأحداثها ، فإسرافيل ينفخ في الصور ، وتسوّى الأرض والجبال ،