عدد الخزنة في تسعة عشر ، وذلك ليس بمثل.
قلنا : هو استعارة ، من المثل المضروب ، ممّا وقع غريبا وبديعا في الكلام ، استغرابا منهم لهذا العدد ، واستبداعا له ؛ والمعنى : أي شيء أراد الله بهذا العدد العجيب ، وأيّ حكمة قصد في جعل الخزنة تسعة عشر لا عشرين. الثاني : أنّ المثل هنا بمعنى الصفة ، كما في قوله تعالى : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) [الرعد : ٣٥] ما ذا أراد الله بهذا العدد ، صفة للخزنة.
فإن قيل : لم طابق قوله تعالى : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (٤٢) ، وهو سؤال للمجرمين ، قوله تعالى : (يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ) (٤١) وهو سؤال عنهم ، وإنما المطابق : يسألون المجرمين أو يتساءلون عن المجرمين ما سلكهم في سقر : أي يسأل أهل الجنة بعضهم بعضا عن أهل النار؟
قلنا. قوله تعالى : (ما سَلَكَكُمْ) [الآية ٤٢] ليس بيانا للتساؤل عنهم ، وإنما هو حكاية قول المسؤولين عن المجرمين ؛ فالمسؤولون من أهل الجنّة ألقوا إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين ؛ وذلك أنّ المؤمنين إذا أخرجهم الله تعالى من النار ، بعد ما عذّبهم بقدر ذنوبهم ، وأدخلهم الجنّة ، يسألهم بعض أصحاب اليمين عن حال المجرمين ، وسبب تخليدهم ، فيقول المسؤولون : قلنا لهم : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (٤٢) وهؤلاء المؤمنون بعد إخراجهم من النار وإدخالهم الجنّة ، صاروا من أصحاب اليمين. وقيل المراد بأصحاب اليمين ، الملائكة عليهمالسلام. وقيل الأطفال ، لأنهم لا يرتهنون بذنوب ، إذ لا ذنوب لهم.