بمستسرّ غيبه ، في ما يقارفه من معصية ، أو يقاربه من ريبة ، وإن ألقى ستوره مستخفيا ، وأغلق أبوابه متواريا.
وفي قوله سبحانه : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (٣٠) استعارة على أكثر الأقوال. والمراد بها ، والله أعلم ، صفة الشّدّتين المجتمعتين على المرء من فراق الدنيا ، ولقاء أسباب الاخرة. وقد ذكرنا فيما تقدم مذهب العرب في العبارة عن الأمر الشديد ، والخطب الفظيع ، بذكر الكشف عن الساق ، والقيام عن ساق. فلا فائدة في تكرير ذلك وإعادته.
وقد يجوز أن يكون السّاق هاهنا جمع ساقة كما قالوا : حاجة وحاج. وغاية وغاي وآية وآي. والساقة : هم الذين يكونون في أعقاب الناس يحفّزونهم على السير ، وهذا في صفة أحوال الاخرة وسوق الملائكة السابقين بالكثرة ، حتى يلتفّ بعضهم ببعض من شديد الحفز ، وعنيف السير والسّوق. ومما يقوّي ذلك قوله تعالى : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (٣٠).
والوجه الأول أقرب ، وهذا الوجه أغرب.