أهله من الأشقياء ، نحو نهارك صائم ، والقمطرير شديد العبوس ، الذي يجمع ما بين عينيه» (١).
[الآية ١١] : فحفظهم الله من شر ذلك اليوم ، وكسا وجوههم نضرة ونضارة ، وتنعّما ، وفرحا ، وسرورا.
[الآية ١٢] : وجزاهم بصبرهم على الإيثار ، والتزامهم بأمر الله جنّة يسكنونها ، وحريرا يلبسونه.
ثمّ تصف الآيات مساكن أهل الجنة ، وشرابهم وأوانيه وسقاته ، وما تفضّل به عليهم ربهم ، من فاخر اللباس والحلي ، وأصناف النعيم فتقول :
[الآية ١٣] : هم في جلسة مريحة مطمئنة ، الجو حولهم رخاء ناعم ، دافئ في غير حر ، نديّ في غير برد ، فلا شمس تلهب النسائم ، ولا زمهرير ، أي : لا برد قارس.
[الآية ١٤] : ظلال الجنة قريبة من الأبرار مظلّلة عليهم ، وقطوفها وثمارها قريبة دانية في متناول أيديهم ، ينالها القائم والقاعد والمتكئ.
[الآيات ١٥ ـ ١٩] : يطاف عليهم بانية من فضة بيضاء ، في صفاء الزجاج ، فيرى ما في باطنها من ظاهرها ، ممّا لم تعهده الأرض في آنية الفضة ، وهي بأحجام مقدّرة تقديرا ، يحقّق المتاع والجمال. ثم هي تمزج بالزّنجبيل كما مزجت مرّة بالكافور ، وهي كذلك تملأ من عين جارية تسمى سلسبيلا ، لشدة عذوبتها واستساغتها للشاربين. وزيادة في المتاع ، فإن الذين يطوفون بهذه الأواني والأكواب ، هم غلمان صباح الوجوه ، لا يفعل فيهم الزمن ، ولا تدركهم السن ، فهم مخلّدون في سن الصّباحة والصّبا والوضاءة ، وهم هنا وهناك كاللؤلؤ المنثور.
[الآية ٢٠] : تحمل هذه الآية خطوط هذا النعيم ، وتلقي عليه نظرة كاملة فاحصة ، تلخّص وقعه في القلب والنظر. فإذا نظرت في الجنة رأيت نعيما عظيما ، وملكا كبيرا لا يحيط به الوصف.
[الآية ٢١] : ثم تخصص هذه الآية مظهرا من مظاهر النعيم ، والملك الكبير فتقول : إن لباس أهل الجنة السّندس ، وهو الحرير الرقيق ،
__________________
(١). تفسير النسفي ٤ : ٣٣٨.