الآية الخامسة إلى الآية الثانية والعشرين ، أي ١٨ آية من مجموع آيات السورة وهي ٣١ ، أي أن أكثر من نصف السورة ، يصف نعيم المتقين ، وحليّهم وملابسهم وخدمهم ، وما هم فيه من نعمة ورضوان وملك كبير. ولنسر مع هذه الآيات التي تصف نعيم المتقين.
[الآيتان ٥ ـ ٦] : إنّ شراب الأبرار في الجنّة ممزوج بالكافور ، يشربونه في كأس تغترف من عين تفجّر لهم تفجيرا في كثرة ووفرة ، وينتفعون بها كما يشاءون ، ويتبعهم ماؤها إلى كل مكان ، يحبون وصولها إليه.
قال مجاهد : يقودونها حيث شاءوا ، وتتبعهم حيث مالوا (١).
[الآية ٧] : كانوا يوفون بالنذر فيفعلون ما اعتزموا من الطاعات ، وما التزموا من الواجبات ، أي أنهم يؤدون ما أوجبه الله عليهم بأصل الشرع ، وما أوجبوه على أنفسهم بالنذر. وهم يستشعرون الخشية من يوم القيامة ، ذلك يوم شديد عذابه ، عظيم خطره ، كالنار يتطاير شررها فيعمّ شرّها.
[الآية ٨] : وكانوا يطعمون الطعام ، ويقدّمون المعونة النافعة لكلّ مساكين عاجز عن الاكتساب ، ولكل يتيم مات كاسبه ، ولكل أسير لا يملك لنفسه قوّة ولا حيلة.
[الآية ٩] : وحين يقدّمون الطعام والمعونة النافعة لكلّ مساكين عاجز عن الاكتساب ، ولكلّ يتيم مات كاسبه ، لا يترفّعون على عباد الله ، ولا يشعرون بالاستعلاء والعظمة ، بل يقدّمون المعونة في إخلاص وتجرّد لوجه الله ، ولا ينتظرون شكرا ولا إعلانا.
قال مجاهد وسعيد بن جبير : أمّا والله ما قالوه بألسنتهم ، ولكن علم الله به من قلوبهم ، فأثنى عليهم به ليرغب في ذلك راغب (٢).
[الآية ١٠] : لقد أخرجوا الصدقة لوجه الله ، ولسان حالهم يقول : إنّا نفعل ذلك ليرحمنا ربنا ، ويتلقّانا بلطفه في يوم عبوس تعبس فيه الوجوه ، قمطرير شديد العبوس.
قال النسفي : «وصف اليوم بصفة
__________________
(١). تفسير المراغي للأستاذ أحمد مصطفى المراغي ٢٩ /. ١٦٤ وانظر تفسير النسفي ٤ : ٣٣٨.
(٢). تفسير المراغي ٢٩ : ١٦٦.