تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ) (٨٢) [يس] وكذا قوله تعالى : (كانَ مِزاجُها كافُوراً) (٥).
فإن قيل : لم شبه الله تعالى الولدان باللؤلؤ المنثور دون المنظوم؟
قلنا : إنما شبّههم سبحانه وتعالى باللؤلؤ المنثور لأنه أراد تشبيههم باللؤلؤ الذي لم يثقب بعد ، لأنه إذا ثقب نقصت مائيّته وصفاؤه ، واللؤلؤ الذي لم يثقب لا يكون إلّا منثورا. وقيل : إنّما شبههم الله تعالى باللؤلؤ المنثور ، لأنّ اللؤلؤ المنثور على البساط أحسن منظرا من المنظوم. وقيل إنما شبههم باللؤلؤ المنثور ، لانتشارهم وانبثاثهم في مجالسهم ومنازلهم وتفريقهم في الخدمة ، بدليل قوله تعالى (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ) [الآية ١٩] ولو كانوا وقوفا صفّا لشبهوا بالمنظوم.
فإن : قيل لم قال الله تعالى هنا : (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) [الآية ٢٨] أي خلقهم ، وقال تعالى في موضع آخر : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨]؟
قلنا : قال ابن عباس رضي الله عنهما والأكثرون : المراد به أنه ضعيف عن الصبر عن النساء ، فلذلك أباح الله تعالى له نكاح الأمة كما سبق قبل هذه الآية. وقال الزجّاج : معناه أنه يغلبه هواه وشهوته ، فلذلك وصف بالضعف. وأمّا قوله تعالى : (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ [الآية ٢٨] فمعناه ربطنا أوصالهم بعضها إلى بعض ، بالعروق والأعصاب. وقيل المراد بالأسر العصعص ، فإنّ الإنسان في القبر يصير رفاتا إلا عصعصه فإنه لا يتفتّت. وقال مجاهد : المراد بالأسر مخرج البول والغائط ، فإنه يسترخي حتى يخرج منه الأذى ، ثم ينقبض ويجتمع ويشتدّ بقدرة الله تعالى.