ومهمهين قذفين مرتين |
|
ظهراهما مثل ظهور التّرسين |
وقال الله سبحانه في موضع آخر : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) [المائدة : ٣٨] وإنما أراد سبحانه قطع يمين السارق ، ويمين السارقة. وذلك مشهور في اللغة.
وفي قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) [الآية ٨] استعارة. لأن «نصوحا» من أسماء المبالغة. يقال : رجل نصوح. إذا كان كثير النصح لمن يستنصحه. وذلك غير متأتّ في صفة التوبة على الحقيقة. فنقول : إن المراد بذلك ، والله أعلم ، أنّ التوبة لمّا كانت بالغة غاية الاجتهاد في تلافي ذلك الذّنب ، كانت كأنها بالغة غاية الاجتهاد في نصح صاحبها ، ودلالته على طريق النجاة بها. فحسن أن تسمّى «نصوحا» من هذا الوجه.
وقال بعضهم : النّصوح : هي التوبة التي يناصح الإنسان فيها نفسه ، ويبذل مجهوده في إخلاص الندم ، والعزم على ترك معاودة الذنب. وقرأ أبو بكر بن عياش (١) عن عاصم (٢) : (نصوحا) بضم النون. على المصدر. وقرأ بقية السبعة (نصوحا) بفتح النون على صفة التوبة.
وفي قوله سبحانه : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما) [الآية ١٠] استعارة : لأن وصف المرأة بأنها تحت الرجل ليس يراد به حقيقة الفوق والتّحت ، وإنما المراد أنّ منزلة المرأة منخفضة عن منزلة الرجل ، لقيامه عليها ، وغلبته على أمرها. كما قال سبحانه : (الرِّجالُ
__________________
والقذف (بفتحتين وبضمتين) : البعيد من الأرض. والمرت (بفتح الميم وسكون الراء) : الأرض لا ماء فيها ولا نبات. والظهر : ما ارتفع من الأرض.
(١). أبو بكر بن عياش. واسمه شعبة ، هو إمام في اللغة والقراآت ، وكان راوي عاصم ، وإماما من أئمة السّنة توفي سنة ١٩٣ ه. له ترجمة موجزة في «الأعلام» ، و «النشر» ، و «القراآت واللهجات» لعبد الوهاب حمودة ، و «الفهرست» لابن النديم.
(٢). هو عاصم بن أبي النجود الكوفي الأسدي أحد القراء السبعة ، كان ثقة في القراآت. وله اشتغال بحديث الرسول (ص). توفي سنة ١٢٧ ه وقد روى عنه أبو بكر بن عياش. وله ترجمة في «تهذيب التهذيب» و «الوفيات» و «الأعلام» للزركلي ، و «القراآت واللهجات «لعبد الوهاب حمودة.