الاستعمالات صدرت في زمان الانقضاء ، فيكون زمان الانقضاء هو زمان الجري ، وهذا معناه ، أنها مستعملة في المنقضي عنه المبدأ لا في المتلبس ، إذن فدعوى أن تبادر المتلبس ينشأ من كثرة الاستعمال والانصراف لا من الوضع ممنوعة ، إذ بناء على الأعم تكون الاستعمالات ، استعمالات في المنقضي ، بمقتضى أصالة الإطلاق ، وبهذا يندفع كلا المحذورين.
ولكن ما ذهب إليه صاحب الكفاية (١) ، من أن كثرة الاستعمال ، بناء على الأعم ، تكون في المنقضي ببركة أصالة الإطلاق غير صحيح ، وذلك لأن الجمل على قسمين.
القسم الأول : تطبيقية ، وهي أن يكون هناك ذات مشخّصة ، ثم يطبّق عليها عنوان المشتق من قبيل زيد عالم.
القسم الثاني : غير تطبيقية ، وهي ، ما إذا لم يلحظ ذات معينة ، ليطبق عليها ذات المشتق من قبيل أكرم العالم.
ففي القسم الثاني إذا ورد المشتق في جملة غير تطبيقية ، فإن المستعمل لم يلحظ ذاتا معينة أجرى عليها المشتق ، ليقال ، بأن مقتضى الإطلاق ، أن زمان الجري هو زمان النطق ، وزمن النطق كان بعد الانقضاء ، فيكون الاستعمال حينئذ في المنقضي ، بل الأمر ليس كذلك.
وأما في القسم الأول فيما إذا كانت الجمل تطبيقية ، فإن هذه الجمل ، إمّا أن تكون إسنادية أو حملية.
فإن كانت إسنادية من قبيل «أكرمني عالم» ، فمن الواضح أن مقتضى الإطلاق ، هو أن الجري والتطبيق إنما هو بلحاظ صدور الإكرام عن الذات ، لا بلحاظ زمن النطق ليقال أن زمن النطق قد انقضى فيه المبدأ ، فيكون مستعملا في المنقضي.
__________________
(١) حقائق الأصول / الحكيم : ج ١ ص ١١٢.