منه في المتلبّس مع أن صاحب الكفاية (١) يدّعي الوضع لخصوص المتلبس ، فإن كون الاستعمال في المنقضي أكثر ، معناه أن الحاجة الاستعمالية في المنقضي أكثر منها في المتلبس ، والأوضاع تابعة للحاجات ، فيناسب ذلك كون الوضع للأعم لا لخصوص المتلبس.
وحاول صاحب الكفاية أن يتخلص من كلا المحذورين حيث قال بأن الملاحظ إن أكثر الاستعمالات الواقعة للمشتق قد صدرت بعد انقضاء المبدأ عن الذات ، وهذه الاستعمالات قابلة لأن تكون مستعملة في المتلبس إذا كان الحكم والجري بلحاظ حال التلبس ، وقابلة أيضا لأن تكون مستعملة في المنقضي إذا كان الجري بلحاظ زمان الانقضاء ، وحينئذ إن قلنا بالوضع لخصوص المتلبس ، فلا بدّ وأن تكون موضوعة لخصوص المتلبس ، وأن يكون الجري بلحاظ حال التلبس ، وذلك تمسكا بأصالة الحقيقة ، إذ لو كان الجري بلحاظ حال الانقضاء لكان مجازا ، فبأصالة الحقيقة تعيّن وجه هذه الاستعمالات الكثيرة بأنها تستعمل في المتلبس وبلحاظ حال التلبس ، إذن فمسألة كون الوضع لخصوص المتلبس لا يناسب كون الاستعمالات في المنقضي أكثر منها في المتلبس واضحة ، إذ بناء على المتلبسي ، الاستعمال فيه أكثر لأن هذه الاستعمالات المجملة الوجه يؤول أمرها إلى استعمالات في المتلبس ببركة أصالة الحقيقة فلا يلزم من المتلبسي أن يكون الاستعمال في غير الموضوع له أكثر شيوعا من الاستعمال في الموضوع له.
وأما بناء على الوضع للأعم ، فلا تجري أصالة الحقيقة لأن زمان الجري والحكم ، سواء كان بلحاظ حال التلبس ، أو بلحاظ حال ما بعد التلبس ، هو على أي حال حقيقة ، بل تجري أصالة الإطلاق التي توجب أن يكون زمان الجري هو زمان النطق ، فإن مقتضى الإطلاق وعدم تعيين الزمان هو أن يكون زمان النطق هو زمان الجري ، وزمان النطق هو زمان الانقضاء ، لأن هذه
__________________
(١) حقائق الأصول / الحكيم : ج ١ ص ١١١ ـ ١١٢.