أضف إلى ذلك ، أنه يرد على هذا القول الثالث ، ما أورده المحقق النائيني (١) في القول الأول ، على أخذ النسبة في مدلول المشتق ، بدعوى أن النسبة إذا كانت مأخوذة من دون الذات في مدلول هيئة المشتق فيلزم تقومها بطرف واحد (٢) وهو الحدث ، مع أن النسبة متقومة بطرفين ، فلا يعقل تقومها بطرف واحد ، وهذا الكلام أصلحناه سابقا ، وقلنا ، أنه ينبغي أن يكون مراد الميرزا ، هو أن النسبة في مرحلة مدلول الكلام. يجب أن تكون متقومة بطرفين ، لا في نفس الأمر والواقع ، وإلّا لكان الكلام ناقصا في قولنا «رأيت ضاربا» لأن «ضاربا» دلّت على حدث ونسبة ، ولا دال في الكلام على الذات ، فتكون النسبة متقومة بطرف واحد ، لا في الأمر والواقع ، بل في مرحلة مدلول الكلام ، وهذا يلزم منه نقصان الكلام ، وهو خلاف الوجدان ، لأن «ضاربا» سنخ معنى لا يحتاج إلى متمم لنقصانه. كما هو الحال في «ضرب» ، لأنه يدل على الحدث والنسبة ، ولا يدل على الطرف الآخر للنسبة ، فلهذا يحتاج إلى الفاعل دائما ، فيقال «ضرب زيد» ، وأمّا في قولنا «رأيت ضاربا» فهنا «ضارب» معنى تام في نفسه فلا يتوقف إتمامه إلى ضم شيء إليه ، وهذا معناه أن النسبة إمّا غير مأخوذة أصلا ، وإمّا مأخوذة مع كلا طرفيها ، إذن فالقول الثالث ممّا لا محصّل له.
__________________
(١) فوائد الأصول / الكاظمي : ج ١ ص ٥٩ ـ ٦٠.
(٢) أجود التقريرات / ج ١ ص ٧٢ هامش ٦٦ ـ ٦٧.