يأخذوها بمعنى آخر ، فغاية ما يلزم من ذلك ، اشتباه المناطقة في تشخيص المعنى العرفي «لناطق» فخيّل لهم عند أخذهم «لناطق» فصلا ، أن مفهوم الشيء غير دخيل في معناه العرفي واللغوي ، ولهذا ادّعوا أن «ناطق» بمعناه العرفي واللغوي يكون فصلا. وهذا الاشتباه ليس أمرا عزيزا ، لأن تشخيص المعنى اللغوي ليس من شئون المناطقة بل من شئون أهل اللغة والعرف ، فلا يكون فهمهم برهانا على تشخيص المدلول اللغوي للمشتق ، إذن فهذه الصيغة لا ترجع إلى محصّل
نعم هذه الصيغة كانت ترجع إلى محصّل ، بحسب وضعها الأوّلي على يد المحقق الشريف ، لأن هؤلاء المناطقة لم يكونوا بصدد إثبات مطلب لغوي وعرفي. وأن مفاد كلمة «عالم» أخذ فيها مفهوم الشيء أو لم يؤخذ فيها مفهوم الشيء ، وإنما كان المحقق الشريف في مقام دفع كلام لشارح المطالع ، حيث فسّر الفكر بأنه ترتيب أمور معلومة لتحصيل أمر مجهول فنقض عليه بالتعريف بالفصل فإنه جائز عندهم مع أنه ترتيب أمر واحد لأمور معلومة. وأجاب عن ذلك شارح المطالع ، بأن الفصل أيضا ينحل إلى أمور معلومة ، إلى جمع منطقي ، الذي أقله اثنان ، لأن الفصل ينحل إلى شيء له النطق ، وهنا أجاب المحقق الشريف وقال ، لو كان الفصل ينحل إلى شيء له النطق للزم دخول العرض العام في الفصل.
وهذا الكلام بهذا المقدار صحيح ، لأن نظر هؤلاء ، لم يكن إلى اللغة وإلى ما هو مدلول كلمة «ناطق» ، بل إلى أن الفكر هل يمكن أن يحصّل بترتيب أمر واحد معلوم ، لتحصيل مجهول ، أو لا يمكن ، هل يعقل أن يحصل بترتيب الفصل لتحصيل النوع ، أو لا يمكن؟ ، وكلامهم بأن مفهوم الشيء داخل في الفصل فيلزم دخول العرض العام في الفصل وهو محال ، ناظر إلى ذوات المعاني ، وإلى عملية الفكر من حيث هي ، لأن الفصل من حيث هو ، هل هو أمر واحد ، أو أمران ، فأتى برهان المحقق الشريف ، على أن الفصل أمر واحد ، ولكن أي علاقة لذلك بتشخيص مدلول كلمة ناطق!.