فهذه الصيغة إن أريد بها البرهنة على بساطة الفصل على واقعه لأجل دفع كلام شارح المطالع ، فهي صحيحة ، ولكن إذا أريد بها البرهنة على أن كلمة ناطق مدلولها بسيط فهذا بحث لغوي راجع إلى اللغة لا إلى المناطقة ، وليس كلامهم حجة فيه ، وإن كانوا يريدون هذا المعنى ، إذن فلا ترجع الصيغة الأولى إلى محصّل وحالها كحال صيغة الميرزا.
الأمر الثاني :
وأما الكلام في الأمر الثاني ، وهو أخذ مصداق الشيء في المشتق ، فقد برهن على عدم إمكانه ، للزوم انقلاب القضية المتسالم على كونها قضية ممكنة إلى قضية ضرورية ، ففي قولك «الإنسان كاتب» ، إذا أخذت في كاتب مصداق الشيء ، وهنا المصداق الذي يتصف بالكتابة هو الإنسان ، فيرجع قولك المذكور إلى «الإنسان إنسان له الكتابة» ، فيكون من باب حمل الشيء على نفسه ، وحمل الشيء على نفسه ضروري ، فتكون قضية «الإنسان كاتب» قضية ضرورية لأنها تستبطن حمل الشيء على نفسه ، مع أنه لا إشكال في أنها قضية ممكنة.
وقد أشكل على هذا الكلام حلا ونقضا :
الإشكال الحلّي :
أمّا ما أشكل عليه حلا فهو : أن حمل الإنسان على الإطلاق على الإنسان على الإطلاق حمل ضروري ، فلو قيل «الإنسان إنسان» لكان حملا ضروريا ، ولكن الإنسان المأخوذ في قولك «الإنسان كاتب» لم يؤخذ على إطلاقه ، بل أخذ مقيدا بقيد الكتابة ، وقيد الكتابة ليس قيدا ضروريا ، والمقيّد بغير الضروري غير ضروري لا محالة ، إذن فلا يكون حمل كاتب على الإنسان في «الإنسان كاتب» حملا ضروريا ، لأن المحمول ليس هو الإنسان على إطلاقه ، بل الإنسان المقيّد بقيد غير ضروري وهو الكتابة ، والمقيّد بقيد غير ضروري غير ضروري.