واحد ، ببرهان أن النسبة فيه ناقصة لا تامة ، وإذا كان الحكم واحدا فالقضية واحدة أيضا ، وعليه فالجواب على المحذور وارد في المقام ، وهو أنه لا يلزم من أخذ مصداق الشيء ، صيرورة القضية ضرورية.
ولكن أخذ مصداق الشيء في نفسه غير صحيح في المقام ، لأنه إن اريد بمصداق الشيء ما حكم عليه في القضية بالمبدإ ، وهو الإنسان في قولنا «الإنسان كاتب» أو زيد في قولنا «زيد كاتب» فمن الواضح أنه لا يحكم بالمشتق على شيء أصلا ، بل يكون محكوما عليه لا محكوما به كما في قولك «أكرم الكاتب» فهنا ، لم يحكم بالكتابة على شيء ، إذن فما هو المصداق الذي أخذ في كاتب؟. فلا يمكن أن يكون المقصود من مصداق الشيء المأخوذ في كاتب هو ما حكم عليه بالكتابة من قبل المستعمل ، لأن في قضية «أكرم الكاتب» لم يحكم على أحد بالكتابة لا على الإنسان ولا على زيد.
وإن أريد بمصداق الشيء ، تلك الطبيعة التي من شأنها في عالم الأعيان وفي عالم التكوين أن تتصف بالكتابة ، وهي الإنسان بالنسبة إلى الكتابة ، فقولك «كاتب» ، يعني إنسان له الكتابة ، فهذا أيضا باطل بالوجدان وذلك لأنه يصح وجدانا استعمال «الكاتب» في غير الإنسان ، فيصح أن تقول «غير الإنسان كاتب» ، وإن كان كذبا ، ولكنه استعمال صحيح لا يحتوي على التناقض ، وإن كان خلاف الواقع الخارجي ، وقولك هذا ، بخلاف قولك «غير الإنسان إنسان» ، بينما ، لو كان مفهوم الإنسان مأخوذا في «كاتب» لكان قولك «غير الإنسان كاتب» محتويا على التناقض فهو في قوة «غير الإنسان إنسان ، بينما قضية «غير الإنسان كاتب» قضية كاذبة بحسب الخارج ، لا قضية متناقضة في نفسها بحسب الفهم العرفي.
إذن ، فالصحيح أن مصداق الشيء غير مأخوذ في المشتق ، وإنما المأخوذ هو مفهوم الشيء ، وبهذا انتهى بحث المشتق ، وبذلك تمّ البحث في المقدمة وأمورها بتمامها.