وحينئذ قالوا ، بأن قاعدة أن الواحد لا يصدر إلّا من واحد ، هي إمّا مختصة بالواحد بالشخص ولا تجري في الواحد بالنوع فضلا عن الواحد بالعنوان ، وإمّا أن يبنى على جريانها في الواحد بالشخص ، والواحد بالنوع ، فيقال ، أن الواحد بالشخص لا يصدر إلّا من واحد بالشخص ، باعتبار لزوم السنخية بين العلة والمعلول ، والواحد بالنوع لا يصدر إلّا من واحد بالنوع لذات السبب ، وأمّا الواحد بالعنوان ، لا تجري فيه القاعدة ، لأن الواحد بالعنوان لا يلزم أن يكون صادرا من الواحد ، لا بالشخص ، ولا بالنوع ، ولا بالعنوان ، فإن مرجع كونه واحدا بالعنوان ، إلى قيام عنوان انتزاعي في تمام هذه الأفراد.
ومن الواضح ، أن العنوان الانتزاعي ، قد ينتزع من الحقائق المتباينة والوجودات المتخالفة بحسب الخارج ، وليس نسبة العنوان الانتزاعي إلى منشأ انتزاعه ، نسبة المعلول إلى العلة ، حتى تطبق عليه القاعدة ، فإن هذا العنوان ليس له وجود آخر منحاز عن منشأ انتزاعه ، بل منتزع عن حقائق متخالفة ، قد يكون لها علل متخالفة أيضا في تمام ذواتها.
نعم لو أرجعنا باب الانتزاع ، إلى باب العليّة ، وقلنا أن نسبة العنوان الانتزاعي إلى منشأ الانتزاع دائما ، هي نسبة المعلول إلى العلة ، لأمكن تطبيق القاعدة على الواحد بالعنوان ، فيقال بأن هذه المعلولات ، إذا كانت واحدة بالعنوان ، فهذا معناه ، أنها جميعا لها معلول واحد ، وهو العنوان الانتزاعي ، وهذا يكشف عن وحدة ذاتية نوعية فيها ، فيلزم وجود وحدة ذاتية نوعية في العلل ، لكن بعد التمييز بين باب الانتزاع ، وباب العلية ، لا ينبغي تطبيق القاعدة على الواحد بالعنوان.
وبالتطبيق نقول ، إن الأثر الواحد المترتب على الصلوات الصحيحة ، ليس واحدا بالشخص ، ولا واحدا بالنوع ، بل هو واحد بالعنوان ، لأن النهي عن الفحشاء والمنكر ، عنوان انتزاعي من أنحاء من الكمالات ، والاستمساكات ، بعروة الشريعة في المجالات المختلفة ، وحينئذ لا يوجد أثر