من حيث التشهد والتسليم ، هذا معناه الإطلاق ، والإطلاق كما بيّناه سابقا ، ليس مرجعه إلى الجمع بين القيود بل مرجعه إلى رفض القيود ، فإن الإطلاق حينما نقول ، بأن الماء أخذ مطلقا من ناحية الكأس ، ليس معناه الجمع بين القيود ، بحيث أننا أخذنا الماء مقيدا بالكأس تارة ، ومقيدا بالغدير أخرى ، بل هو رفض القيود ، بحيث أننا لاحظنا ذات الماء ، ولم ندخل في الاعتبار وجود الكأس وعدمه ووجود الغدير وعدمه.
وإذا طبقنا هذا الكلام في المقام ، نقول : أن الأركان الخمسة ، إذا لاحظناها بالإضافة إلى التشهد والتسليم مطلقة ، فعلى القول بالجمع بين القيود ، يكون معنى ذلك ، أنه لاحظنا الأركان تارة مع التشهد والتسليم ، وأخرى بلا تشهد وتسليم ، وبهذا يتم مرام الأستاذ ، لأن التشهد والتسليم مع وجوده ، فقد لاحظنا الأركان مقيدة به ، ومع عدمه لاحظناها مقيدة بعدمه.
وأمّا على القول ، بأن الإطلاق هو رفض القيود كما هو الصحيح ، فمعنى هذا ، أن الأركان لم نلحظها تارة مقيدة بوجود التشهد ، وأخرى مقيدة بعدمه ، بل لاحظناها من دون أن نأخذ معها وجود التشهد ولا عدم وجوده ، فكما أن عدم التشهد ليس دخيلا ، كذلك وجوده ليس دخيلا ، فوجوده وجود زائد وعدمه أيضا أمر زائد لا يضر ولا يكون دخيلا.
فالذي ذكره الأستاذ من معنى اللّابشرطية بنحو لو وجد لكان دخيلا ، ولو فقد لا يضر ، يكون ذلك ، متعقلا ، إذا قلنا بأن الإطلاق معناه الجمع بين القيود ، وأمّا إذا قلنا بأن الاطلاق معناه رفض القيود وعدم ملاحظتها في الجامع وجودا وعدما ، إذن فكما أن العدم لا يكون دخيلا ، كذلك الوجود لا يكون دخيلا ، بل يكون أجنبيا.
فالصياغة الفنية لدعوى أن اللّابشرطية لها نحوان هذا أمر غير معقول ، ولكن المدّعى معقول وصحيح ، وهو أن بعض المركبات هذا حالها ، من أن الشيء الزائد لو عدم لا يكون مضرا ولو وجد لكان جزءا ، وهذا مطلب عرفي وواقع ، لكن صياغته الفنية ليست باللابشرطية بل بأمر آخر يأتي توضيحه.