إن على صعيد اللفظ ، وإن على صعيد المعنى ، وإنما جرى على طبق استعمال عرفي موجود في البيئة التي عاشها ، فإن بنينا على هذا فلا ينبغي الإشكال ، بأن أسماء العبادات أسامي للأعم لا لخصوص الصحيح ، إذ لا معنى لأن يقال ، بأن لفظ الصلاة حينئذ كان موضوعا لخصوص الصحيح الذي سوف يجيء به الشارع فيما بعد ، والمفروض أن الشارع لم يحدث وضعا جديدا وإنما استعمل لفظ الصلاة في معناه العرفي الذي كان أهل العبادات السابقة يستعملونه فيه ، فلا معنى لأن يقال ، بأن اللفظ موضوع للصحيح الشرعي الواجد لتمام الأجزاء والشرائط بل لا بدّ من القول ، بأن لفظ الصلاة موضوع في البيئة العربية قبل الإسلام لجامع مرن قابل للسعة والضيق بحيث يكون منطبقا على الأشكال المختلقة للعبادة ، سواء الشكل الإسلامي أو الأشكال السابقة للعبادة ، وهذا معنى الجامع الأعميّ فيتعين القول بالوضع للأعم.
وأمّا إذا قلنا بأن الشارع قد حصل منه وضع جديد ، وأن هذا الوضع كان وضعا تعيّنيا ، فالأمر أيضا كذلك ، فإن الظاهر حينئذ ، أن اللفظ موضوع للأعم ، لأن ملاك الوضع التعيّني هو كثرة الاستعمال ، ومن يتتبع كلمات الشارع واستعمالاته ، يرى أن الاستعمال في الأعم كثيرا جدا بل لا يكاد يوجد استعمال في الصحيح حتى في مورد إرادة الصحيح ، فاللفظ مستعمل في الجامع الأعمي ، ويراد منه الصحيح ، باعتبار أنه أحد مصاديق الأعمي ، ولا نريد بالوضع للأعم إلّا هذا المعنى.
وأما إذا قلنا بالوضع التعييني فإثبات أن الشارع هل وضع لخصوص الصحيح أو للأعم فهذا في غاية الإشكال ، حيث لا طريق لإثبات أحد الأمرين ، ولكن هذا الاحتمال أضعف الاحتمالات كما بيّنا سابقا في بحث الحقيقة الشرعية.
وعلى هذا ، فالظاهر كون أسماء العبادات أسام للأعم.
وبهذا ينتهي الكلام في بحث الصحيح والأعم في العبادات ، ويليه البحث في المعاملات.