في زماننا هذا ، وإمّا أن يقصد به التبادر في عصر صحابة الرسول.
فإن كان يقصد بالتبادر الثاني ، فهذا ممّا لا سبيل إلى معرفته ، لأنه خاص بالصدر الأول ، وإن كان يقصد بالتبادر الأول ، فهذا لو سلّم ، فغاية ما يكشف عنه إنما هو الوضع للأعم في زماننا هذا ، ولا يكشف عن الوضع للأعم من أول الأمر ، فلعلّ ألفاظ العبادات كانت موضوعة للصحيح من أول الأمر ، ثم إن المتشرعة بكثرة استعمالهم في الأعم نقلت الألفاظ من الصحيح إلى الأعم ، فمع هذا الاحتمال لا يكشف هذا التبادر عن كون هذا الوضع موجودا من أول الأمر.
فإن قلت بأننا نثبت بالتبادر الحقيقة والوضع في زماننا هذا ، وبأصالة عدم النقل نثبت أن هذا الوضع كان ثابتا من أول الأمر فيثبت المطلوب.
قلت بأن أصالة عدم النقل إنما تجري فيما إذا لم نحرز وجود ملاك صالح للنقل في نفسه ، وأمّا مع إحراز هذا الملاك فلا تجري أصالة عدم النقل ، وفي المقام ، الأمر كذلك ، فإن لفظة الصلاة ، إن كانت موضوعة من أول الأمر للأعم ، فهذا هو المطلوب ، وإن فرض أنها كانت موضوعة من أول الأمر للصحيح ، فقد فرض وجود ملاك جزمي للنقل إلى الأعم ، وهو كثرة استعمالات المتشرعة للفظ الصلاة في الجامع الأعمي ، وفي مثل ذلك لا تجري أصالة عدم النقل ، لأنها أصل عقلائي ، وبناء العقلاء عليها ، فيما إذا لم يحرز الملاك الصالح للنقل ، وفي المقام ، الملاك موجود وهو كثرة الاستعمال في الأعم.
إذن فأدلة القائل بالأعمي ، كأدلة القائل بالصحيح ، كتلك الاستفادة من الروايات ، كل ذلك مما لا يمكن المساعدة عليه.
وما يمكن أن يقال في المقام ، هو الرجوع إلى مسألة الحقيقة الشرعية ، لنرى هل أن ألفاظ العبادات كانت موجودة قبل الشارع ، والشارع استعملها في المعاني التي كانت موجودة قبله كما استقربنا ذلك ، فهو لم يأت بشيء جديد ،