فكلّما تكثرت الألفاظ والكلمات تكثرت المعاني ، وعلى هذا لو قصدنا بالمعاني تمام ما يخطر على الذهن ، إذن فالمعاني دائما تبقى أكثر من الألفاظ ، لأن كل كلمة هي بنفسها أيضا معنى من المعاني مضافا إلى سائر المعاني الأخرى ، ولا جواب على ذلك ، إلّا الوجدان ، فإنه شاهد على عدم الحاجة إلى هذه المعاني الكثيرة ، وإنما الحاجة تقتضي قدرا معقولا من المعاني ، وهذا القدر يكفيه قدر معقول من الألفاظ.
وبهذا يتبين ، أن الصحيح في مقام دفع ضرورة الاشتراك ، هو شهادة الوجدان ، حيث يقال ، بأن المعاني وإن كانت غير متناهية وهي حتما أكثر من الألفاظ ، لأنه مهما تصاعدت دائرة الألفاظ فهي داخلة في المعاني ، ولكن مع هذا ، لا حاجة إلى الوضع لتمام هذه المعاني ، لأن كثيرا منها خارج عن المعرضية وعن إمكان الاحتياج العرفي لتفهيمه وتفهّمه ، وما كان من المعاني داخلا في دائرة الإمكان فهو كمية محدودة بالوجدان إذن فلا ضرورة إلى الاشتراك (١).
__________________
(١) تجدر الإشارة إلى أنه يمكن الجمع بين الصياغة البرهانية عند المحقق الخراساني وبين البرهان الوجداني عند السيد الصدر ، حيث أن المعاني غير متناهية عند الخراساني ، ولكن أكثرها خارج عن الحاجة العرفية بالوجدان عند السيد الصدر. فاكتمل برهانا مركبا من الوجدان والبرهان. والنكتة هي أن السيد الصدر أكمل برهان الآخوند بوجدانه ـ المقرر.