الإجزاء لأنّ المأتيّ به ليس بمأمور به وما أمر به ليس بمأتيّ به ، والمفروض أنّ الصحة إنّما تنتزع من مطابقة المأتي به للمأمور به في الخارج ، الموجبة لسقوط الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه ، كما أنّ الفساد ينتزع من عدم مطابقة المأتي به للمأمور به (١).
وذلك : لمنع عدم مطابقة المأتيّ به للمأمور به ، فإنّ الملازمة العرفيّة كاشفة عن عدم إيجاب الجزء أو الشرط مجدّداً بعد قيام الدليل الاجتهادي على عدم وجوبه فعلاً ، فيكون الواجب الفعلي في حقّه ما أتى به.
هذا كلّه ، إذا استند في استكشاف كيفيّة الحكم وأجزاء المكلّف به إلى الأمارة وأمّا لو كان المستند في هذا المجال هو الأصول ـ كأصالة الحليّة والطّهارة ـ فالدّالُ على الإجزاء إضافة إلى الملازمة العرفيّة المتقدّمة هو أنّ نتيجة كون المشكوك حلالاً أو طاهراً ، حكومة هذه الأصول على أدلّة الأجزاء والشرائط (٢) فلو قال المولى : صلّ في طاهر وقال : كلّ مشكوك طاهر ، يكونُ مفاد الدّليلين عند المقارنة جواز ترتيب آثار الطهارة على المشكوك للمصلي ، ومنها الاتيان بالصّلاة مع المشكوك ، وبعبارة أُخرى : تكونُ النتيجة أنّ ما يطلبه الدّليل الأوّل موجود في مشكوك الطّهارة أو الحليّة. فإذا صلّى المكلّف به فقد أتى بصلاة جامعة الأجزاء والشرائط وإن كان نجساً في الواقع ، وذلك لأنّ الشرط الواقعيّ للصّلاة هو الأعمّ من الطّهارة الواقعيّة والظّاهريّة ، وربّما حكم يترتّب على الطّهارة الواقعيّة وآخر يترتّب على الأعمّ منها
__________________
(١) المحاضرات للفيّاض : ٢ / ٢٦٠ ، بتصرّف.
(٢) نوقش في أنّ هذه الحكومة حكومة ظاهرية مؤقّتة بزمن الجهل بالواقع والشك فيه ، وليست بحكومة واقعيّة لكي توجب توسعة الواقع أو تضيقه. والجواب واضح لسقوط الأمر بانطباق عنوان الصلاة على المأتي به ، فلا وجوب بعد ارتفاع الجهل.