وأدين ، فقد اختلفوا ، فمنهم من جعله مخيّراً ، ومنهم من أوجب أن يستفتي المقدّم في العلم والدّين ، وهو أولى لأنّ الثقة هاهنا أقرب وأوكد ، والأُصول كلّها بذلك شاهدة» (١).
٢ ـ وقال المحقّق : «ويجب عليه الاجتهاد في معرفة الأعلم والأورع ، فإن تساويا تخيّر في استفتاء أيّهما شاء ، وإن ترجّح أحدهما من كلّ وجه تعيّن العمل بالراجح ، وإن ترجّح كل واحد منهما على صاحبه بصفة ، فالأقوى الأخذ بقول الأعلم» (٢).
٣ ـ وقال العلّامة : «ولو أفتاه اثنان فصاعداً ، وإن اتّفقوا ، وإلّا اجتهد في الأعلم الأورع فقلّده ، فإن تساويا تخيّر ، وإن ترجّح أحدهما بالعلم والآخر بالزّهد تعيّن الأعلم ، ويعلم الأعلم بالتّسامح والقرائن لا بالبحث عن نفس العلم ، إذ ليس على العاميّ ذلك ـ إلى أن قال : ـ ولا يجوز للعاميّ تقليد المفضول مع وجود الأفضل ، لأنّ ظنّ إصابته أضعف ، وإذا تساوى المفتيان فقلّد العاميّ أحدهما ، لم يجز له الرّجوع عنه في ذلك الحكم ، والأقرب جوازه في غيره» (٣).
٤ ـ قال صاحب المعالم : «وأمّا مع الاختلاف ، فإن علم استواءهم في المعرفة والعدالة ، تخيّر المستفتي في تقليد أيّهم شاء ، وإن كان بعضهم أرجح في العلم والعدالة من بعض تعيّن عليه تقليده ، وهو قول الأصحاب الّذين وصل إلينا كلامهم ، وحجّتهم عليه ، أنّ الثقة بقول الأعلم أقرب وأوكد ، ويحكى عن بعض النّاس القول بالتّخيير هنا أيضاً ، والاعتماد على ما عليه الأصحاب ، ولو ترجّح بعضهم بالعلم والبعض بالورع ، قال المحقّق (رضي الله عنه) يقدّم الأعلم لأنّ الفتوى تستفاد
__________________
(١) الذريعة : ٢ / ٨٠١.
(٢) معارج الأُصول : ٥٥.
(٣) تهذيب الوصول إلى علم الأُصول : ١٠٤ و ١٠٥.