الشّرعية على الحكم الشّرعيّ بل الأعمّ منه ومن تحصيل الحجّة على الوظيفة الفعليّة ، كالظنّ على الحكومة والأصول العقليّة كالبراءة والاشتغال العقليّين ، فإنّها حجج عقليّة لا يستنبط منها حكم شرعي مباشرة ، وأمّا استنباط الحكم الشرعيّ من الحكم العقليّ فهو ـ على القول بالملازمة ـ أمر آخر غير محتاج إليه.
وربّما يعرّف بما نقله المحقّق الخراساني بأنّه : «ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشّرعيّ الفرعي من الأصل فعلاً أو قوّة قريبة» (١).
قوله : «فعلاً أو قوّة قيدان للاستنباط لا للملكة للزوم فعليّة الملكة ، والمراد من الأوّل هو الاقتدار على الاستنباط الفعليّ بلا حالة انتظاريّة غير المراجعة الاختيارية. والمرادُ من الثاني هو من كانت له حالة انتظارية من غير تلك الجهة أيضاً ، لأجل عروض عارض خارجيّ كفقد الأسباب والكتب ، لا مطلق الجهات وإلّا يشمل العاميّ المستعدّ للتعلّم. هذا
ويردُ على التعريف المذكور : أنّ الغاية من الاجتهاد أعمّ من استنباط الحكم الشّرعيّ الفرعيّ أو الوظيفة الفعليّة كما في مجاري الأصول.
ثمّ إنّ تفسير الاجتهاد بالعلم بالأحكام كما في تعريف الغزالي ، يوجب اتّحاد تعريفه مع تعريف الفقه. وهذا بخلاف ما إذا فسّر بالملكة فيتغاير معه.
واعلم أنّ الاجتهاد وقع موضوعاً لأحكام عديدة ـ تارة بالمعنى الأوّل أي المستنبط بالفعل ، وأُخرى بالمعنى الأخير : أي من له الملكة حالة عدم تصدّيه للاستنباط خارجاً وتحصيل الحجّة على الأحكام الشرعيّة ـ ولا يتوقّف البحث عن هذه الأحكام على تحقيق معنى الاجتهاد اصطلاحاً ، إذ ليس هو بالمعنى المصطلح موضوعاً للحكم الشرعيّ حتى نبذل الجهد في تحديده ، بل الموضوع إمّا المستنبط
__________________
(١) نقله المحقق الخراسانيّ في كفايته : ٢ / ٤٢٢ عن الشيخ بهاء الدين العاملي (رضي الله عنه) في زبدة الأصول : ١١٥ المنهج الرّابع في الاجتهاد والتّقليد.