٢ ـ وعرّفه الآمديّ : «استفراغ الوسع في طلب الظنّ بشيء من الأحكام الشرعيّة على وجه يحسّ من النّفس العجز عن المزيد فيه» (١).
٣ ـ وعرّفه الحاجبيّ : «استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظنّ بحكم شرعيّ» (٢).
هذا ويرد على التعريف الأوّل ـ مضافا إلى اشتماله على الدّور الواضح من أخذ المعرّف في التّعريف (٣) ـ أنّ الغاية للمجتهد أعمّ من تحصيل العلم بالحكم الشرعي ، فربمّا لا يتمكّن من تحصيل العلم به ، ولكن يتمكّن من تحصيل الحجّة القطعيّة عليه ، وكون الحجّة قطعيّة ، لا يلازم كون مفاده قطعيّاً وعلماً واقعياً بالحكم الشرعيّ كما في الخبر الواحد القائم على حكم من الأحكام (٤).
ويردُ على الأخيرين بأنّ الظنّ إمّا أن يقوم دليل قطعيّ على حجيّته أو لا ، وعلى الثّاني لا عبرة به ولا قيمة له في مجال الاجتهاد ، وعلى الأوّل يكون المدلول ظنيّاً وفي الوقت نفسه يكون حجّة قطعيّة على الحكم الشرعيّ ، فالأولى حذف الظنّ وإقامة الحجّة مقامه.
ويتوجّه على الثّلاثة : أنّ الغاية للمجتهد ليست تحصيل العلم أو الحجّة
__________________
(١) الإحكام : ٤ / ١٦٩ للآمدي (٥٥١ ـ ٦٣١ ه ـ).
(٢) شرح مختصر الأصول ـ : ٤٦٠ عند الكلام عن الاجتهاد.
(٣) لأنّ المراد من المجتهد هو العالم الفعليّ بالأحكام الشرعية الفرعيّة عن أدلّتها ومداركها ، لا صاحب الاستعداد ، فالفقيه بهذا المعنى ممّا يتوقّف فهمه على فهم الاجتهاد ، فيلزم الدور.
(٤) قيل : إنّ أخذ العلم في تعريف الاجتهاد ليس لموضوعيّته بالخصوص بل لكونه مصداقاً من مصاديق الحجّة ، والمناط كلّه في تحصيل الحجّة سواء كان علماً أو غيره.