كان قول كلّ منهما حجّة ، وكان المكلّف مخيّراً بينهما ، فلو زال التساوي في العلم يستصحب التخيير السابق ، ويتمّ الأمر في غير هذه الصّورة بعدم القول بالفصل.
يلاحظ عليه : ـ مع أنّه منقوض بمثله أوّلاً وذلك فيما إذا كان أحدهما أفضل من الآخر ثمّ حدث التساوي ، فيستصحب الوجوب التعيينيّ ، ويتمّ الأمر في غير هذه الصّورة بعدم القول بالفصل ـ أنّ التّخيير في صورة التساوي من أحكام العقل ، وهو إنّما يستقل به عند التساوي ، ويستقلّ بعدمه عند ارتفاعه ، فلا شكّ في حكم العقل حتى يستصحب ولا معنى أن يكون حكمُ الشرع اوسع فيما يستقلّ به العقل من الإثبات والنّفي.
ب : إنّ الأمر دائر بين كون المكلف به هو الرّجوع إلى مطلق الفقيه ، حتى يكون مخيّراً ، والرّجوع إلى خصوص الأعلم من الفقهاء ، ولا شكّ أنّ الثاني فيه كلفة زائدة ليست في الأوّل ، فينتفي بحكم البراءة ، كما لو دار الأمر بين كون الواجب هو مطلق الرّقبة أو خصوص الرّقبة المؤمنة.
يلاحظ عليه : أنّه قياس مع الفارق ، لأنّ الحكم في المقيس عليه تعلّق بعنوان دائر بين الإطلاق والتقييد ، فإذا كان القيد مشكوكاً ينفى وجوبه بحكم البراءة ، بخلاف المقام ، إذ ليس هنا دليل شرعيّ دائر بين تقليد مطلق المجتهد والمجتهد الفاضل ، بل الدّليل هو حرمة العمل بالظنّ إلّا ما خرج ، وهنا دار أمر الخارج بين الأقلّ والأكثر ، والأصل في غير الأقلّ محكّم.
ج : لا شكّ أنّ قول المفضول حجّة بلا إشكال ، بشهادة جواز الرّجوع إليه عند التساوي ، والقول بوجوب الرّجوع إلى الفاضل وترجيحه لدى التعارض منفيّ بالأصل ، لأنّ الأصل في الترجيح كالحجّة في العدم ، إلّا إذا ثبت.
يلاحظ عليه : أنّ أصالة عدم الترجيح لإثبات حجيّة قول المفضول ، لا تقاوم العمومات الدّالة على حرمة العمل بالظنّ خرج منها الفاضل ويبقى الباقي تحتها.