أمّا الصورة الأُولى : فالإطلاقات محكّمة ، لعدم العلم بالمخالفة والخارج من تحت العامّ هو العلم بالمخالفة بين رأيي الفاضل والمفضول ، ثمّ إنّ أصل التفاضل مجهول فضلاً عن مجهوليّة المخالفة.
وأمّا الصورة الثانية : فالفحص عن الفاضل واجب ، لأنّه يعلم أنّ رأي الفاضل حجّة دون المفضول للعلم بالمخالفة ، ومعه كيف يمكن التخيير بينهما ، فاللّازم هو الفحص عن الأعلم والرّجوع إليه.
وأمّا الصّورة الثالثة : فبما أنّ المخالفة مجهولة ، فالإطلاقات محكّمة ، والتخيير ثابت ، وهذه الصّورة ليست بأقوى ممّا إذا عرف الفاضل ولم تحرز المخالفة.
وأمّا الصورة الرّابعة : فبما أنّ الاختلاف معلوم ، فلو كانا متساويين ، فكلا الرّأيين حجّة ، ومع التفاضل فأحدهما حجّة دون الآخر ، ومع التردّد لا يمكن الحكم بالتّخيير ، لاحتمال كون المورد من مصاديق الصورة الثانية ، فيجب الفحص عن الأعلم ، حتى يتبيّن له أنّ الواقعة من مصاديق الصورة الثانية أو الرّابعة.
ثمّ إنّه لو قلّد الأعلم ، وكان يفتي بجواز الرّجوع إلى غيره ـ على مقتضى اجتهاده ـ جاز للمقلّد العمل به أيضاً ، وقد نقل الشيخ الأنصاريّ (قدّه) عن بعض معاصريه منعه ذلك ولم يعلم وجهه. هذا وجواز الرّجوع إلى المفضول نتيجة الرّجوع إلى الأعلم ، وصحّة عمله مترتبة على صحّة تقليده.
لو قلَّدَ أحد المجتهدين بواسطة التفاضل ، ثمّ انعكست النسبة بينهما لسبب من الأسباب ، فهل يجب البقاء على تقليد الأوّل ، أو الرّجوع عن تقليده ، إلى الثاني ، أو يتخيّر بينهما؟
دليل الأوّل هو الأصل ، لأنّه لمّا كان الأوّل أفضل ، كان تقليده واجباً ، فالأصل بقاؤه.
ودليل الثاني هو وجود المقتضي بصيرورة الثاني أعلم من الأوّل وعدم المانع ، لأنّ وجوب تقليد الأوّل كان لأعلميّته ، والمفروض أنّه خرج عن ذلك العنوان