دون تأمّل وتدبّر ، بل السّبر في الحلال والحرام المرويّين عنهم (عليهمالسلام) بإمعان ودقة ، قال سبحانه : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (آل عمران ـ ١٣٧) ، ويؤيد ذلك استعمال الامام (عليهالسلام) لفظ «عرف» فإنّه لا يستعمل إلّا في المورد الّذي سبقه الاشتباه والخلط ، وعليه ، فالمقبولة تختص بصاحب النّظر ، المعبّر عنه بالمجتهد.
الخامس : أن يكون على حدّ يقال : إنّه عارف بأحكامهم وهو الفقيه العارف الّذي استنبط أحكامهم (عليهمالسلام) ، فلا يكفي العلم بواحد او أكثر من أحكامهم ، فإنّ الجمع المضاف «أحكامنا» يفيد العموم ، وعليه : تكون المقبولة ظاهرة في المجتهد المطلق.
هذا ، ويؤيد ذلك الظهور قوله : «وكلاهما اختلفا في حديثكم» فلو أُريد الاختلاف في مضمون الحديث (دون النقل) ، فهو شأن الفقيه ، وإن أُريد الاختلاف في نقل الحديث فهو أيضاً لا ينفك عن الاجتهاد غالباً إن لم يكن دائماً.
وكذلك قوله (عليهالسلام) : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما».
وقول (الراوي) : «أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمهُ من الكتاب والسنّة.
فالنّاظر في جميع القيود الواردة في المقبولة يقف على أنّ الإمام (عليهالسلام) نصب الفقيه الإماميّ ـ الذي يمارس الأحاديث وينظر في الحلال والحرام ويعرف الأحكام الصّادرة عن الأئمّة (عليهمالسلام) ويعتمد في فتياه على الكتاب والسنة ـ قاضياً. وهذا لا يصدق إلّا على الفقيه المستنبط لجميع الأحكام الشرعيّة فيما تبتلي به الأُمّة على مرّ الأيام.
وبالجملة : الموضوع من يصدر عن الكتاب والسنّة وهو ينطبق في زماننا على المجتهد فقط.