الغيبة ـ بكونه فقيهاً جامعاً لشرائط الافتاء) : «فيدل عليه بعد الإجماع ، الأخبار الموافقة للاعتبار ، وما كان منها بلفظ (روى حديثنا) فقد أُردف بقوله (عليهالسلام) : «ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا» ، فلا يكفي مجرّد الرّواية كما توهّمه بعض ، وما كان منها بلفظ : (يعلمُ شيئاً من أحكامنا) فالمراد أنّه علم ذلك بعد تحصيل الشرائط المذكورة إذ لا يحصل العلم إلّا بها» (١).
٩ ـ وقال صاحب الجواهر بعد كلام المحقّق : «ولا يكفيه فتوى العلماء» : «بلا خلاف أجده ، بل في المسالك وغيرها الإجماع عليه من غير فرق بين حالتي الاختيار والاضطرار» (٢).
هذا ويكفي في عدم الجواز ، عدم الدليل وإنمّا الدّليل على القائل ، ولأجل ذلك ربّما أراد بعضهم استظهار الجواز من بعض الأدلّة وإليك البيان :
الأوّل : إنّ المستفاد من الكتاب والسنّة صحّة الحكم بالحقّ والعدل والقسط من كلّ مؤمن ، قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (النساء ـ ٥٨).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) (المائدة ـ ٨).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (النساء ـ ١٣٥).
ومفهوم قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)
__________________
(١) مفتاح الكرامة : ١٠ / ٣ ، قسم الشرح.
(٢) الجواهر : ٤٠ / ١٥ ثمّ قال (رضي الله عنه): «بل لا بدّ أن يكون عالماً بجميع ما وليه ، أي مجتهداً مطلقاً كما في المسالك ، فلا يكفي اجتهاده في بعض الأحكام دون بعض على القول بتجزّي الاجتهاد».