فلا يستفاد منها» (١).
يلاحظ عليه : ما عرفت من أنّه مع فرضنا بأنّ المقبولة والمشهورة ليستا بصدد بيان شرائط من له حقّ القضاء ، إلّا أنّ نفس الشك في مشروعية قضاء العاميّ العارف بمسائل القضاء عن تقليد ، كاف في الحكم بعدم الجواز والنفوذ ، وهذا أشبه بالشك في جواز التعبّد بالظن فإنّ نفس الشك كاف في الحكم بحرمة التعبّد ، ولا يحتاج إلى دليل آخر.
وهذا الأصل وإن لم يثبت عدم الجواز واقعاً في حقّ الإمام ، لكنّه مانع عن الحكم بالجواز للإمام ، ومعه لا يمكن أن يثبت للفقيه ، بل الثابت في حقّه ما دلّ الدّليل على ثبوته له لا ما هو مشكوك الثبوت.
ويمكن أن يستدلّ على عدم مشروعيّة قضاء العاميّ بصحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : «اتّقوا الحكومة فإنّ الحكومة إنّما هي للإمام العالم بالقضاء ، العادل في المسلمين لنبيّ أو وصيّ نبيّ» (٢).
فإنّها صريحة في أنّ القضاء شرّع للأنبياء وأوصيائهم ، ولا ينافي ذلك ما دلّ على جوازه للفقهاء ، فإنّهم أوصياء الأنبياء بوجه (٣) ، فتكون المقبولة حاكمة عليها بالتصرّف في الموضوع وتوسيعه وإدخال ما لا يدلّ عليه ظاهرها (الصحيحة). وأمّا العامّي فإنّه ليس وصيّاً لنبيّ ، ولم يدلّ الدّليل على مشروعيّة قضائه.
فتلخص من ذلك ، عدم ثبوت الصّغرى وهي مشروعية نصب العامّي للقضاء وإن كان النّاصب نبيّاً أو إماماً.
__________________
(١) تهذيب الأُصول : تقريراً لبحث الإمام الخميني (رضي الله عنه) للشيخ الأُستاذ : ٢ / ٥٣١ مباحث الاجتهاد والتقليد.
(٢) الوسائل : ١٨ / ٧ ح ٣ ، الباب ٣ من أبواب صفات القاضي.
(٣) لما في الرّوايات من أنّهم الخلفاء والأُمناء على حلال الله وحرامه ، وأنّهم كأنبياء بني إسرائيل.