ولو افترضنا صحّة الصغرى ، فيقع الكلام في الكبرى ، وأنّ كلّ ما يجوز للإمام ، هل هو جائز للفقيه أو لا؟
أقول : هذه المسألة قد كثر النقاش والكلام فيها من عصر المحقّق النّراقي والشيخ الأنصاري (رضي الله عنه) إلى زماننا هذا ، خصوصاً بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية ، واختار المحقّق النّراقي (رضي الله عنه) والسيّد الأستاذ الخميني (قدسسره) ، عموم المنزلة وثبوت الولاية العامّة للفقيه ، وأنّ كلّ ما يجوز للإمام يجوز للفقيه إلّا ما دلّ على اختصاصه بالنبيّ والوصيّ.
واختار الشّيخ الأعظم الأنصاري (رضي الله عنه) ، ومن تبعه من تلاميذه ومن بعدهم ، عدم عموم وشمول الولاية ، بعد الاعتراف بأصلها. والمقام لا يسع لإيراد أدلّة الطرفين ، وذكر الحقّ في المسألة ، إلّا أنّا سنشير إلى أساس الفكرتين ليكون القارئ على معرفة إجماليّة بهما :
إنّ الشيخ ومن تبعه ذهبوا إلى أنّ ما يستدلّ به على ثبوت الولاية العامّة للفقيه ، لا يدلّ على عموم المنزلة ، والغاية من مساواة الفقهاء لأنبياء بني إسرائيل ونحو ذلك كما سنذكره ، هي تنزيلهم منزلة الأنبياء فيما يتعلَّق بشئون التّبليغ والتعليم ونحو ذلك ، لا أنّهم منزّلون منزلة الأنبياء من جميع الجوانب والمقامات ، وذلك كالمقبولة ، والحديث النّبويّ (١) : «اللهم ارحم خلفائي» ـ ثلاثاً ـ قيل : يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال : «الّذين يأتون بعدي ، يروون حديثي وسنّتي» ، أو التوقيع الرّفيع (٢) : «وأمّا الحوادث الواقعة ، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله».
__________________
(١) الوسائل : ١٨ / ١٠١ ح ٧ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي.
(٢) المصدر نفسه : حديث ٩.